تركيا تصطدم في ليبيا بـ”حساسية الاستعمار” والرفض الأوروبي
خاص| 218
ركز برنامج “USL” على قناة “NEWS” في حلقة، الثلاثاء، التي استضافت كبير باحثين في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، والمسؤول السابق عن مكتب ليبيا في البيت الأبيض، “بِن فيشمان”، على تطورات الملف الليبي خاصة فيما يتعلق بالتدخل العسكري التركي لدعم حكومة الوفاق.
وأكد فيشمان، أن تركيا تحاول فرض نفسها كقوة إقليمية، لكن الليبيين لا يحبون فكرة النفوذ الاستعماري، موضحا أنه مهما كانت حجج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فلن يمكنه إقناع نظيره الأميركي دونالد ترامب بشأن فكرة التورط في ليبيا، حيث يرى الأخير أن ما يجري في ليبيا هي حرب أهلية وأنها كارثة تسبّب بها أوباما وهيلاري كلينتون.
التدخل الأميركي
وقال فيشمان لـ”USL”، “قد نتجهُ الآن نحو تواجد روسي وتركي راسخ في ليبيا.. الروس والأتراكُ والجهاتُ الدولية الأخرى تدعم كلا الجانبين بدلاً من التحرّك نحو وقف إطلاق النار”، مضيفا أن احتمال إقامةِ قاعدة جوية روسية في ليبيا تهدد الجناح الجنوبي للناتو قد يُحفّز الولايات المتحدة على المشاركة بشكل أكبر في ليبيا.
وأبدى “بِن فيشمان”، اعتقاده أن واشنطن لا تستطيع وقف التدخل التركي في ليبيا الذي يهدد الاستقرار في الشرق الأوسط، كما استبعد أي عمل عسكري أمريكي يتعلق بليبيا، معتبرا أن الولايات المتحدة لديها الآن مشكلة مصداقية مع الليبيين ومع الجهات الأخرى الفاعلة في ليبيا، وهناك عناصرَ أخرى في الإدارة تحاول تجاوز حقيقة أن حفتر قد بدأ يخسر المعركة.
التدخل التركي
وبالعودة للتدخل التركي، قال “بِن فيشمان”، إن الولايات المتحدة أيدت ضمنيًا تدخّل تركيا كوسيلة لوقف إمكانية نجاح روسيا في التغلب على حكومة الوفاق الوطني بنشرها لمرتزقة فاغنر، ومع أن البيانات الصادرة عن الولايات المتحدة تقول إن جميع الجهات المتدخلة يجب أن يكونوا خارج ليبيا، لكنها في الحقيقة لا تسمّي إلاّ طرفا واحدا وهو روسيا، لكن ليس واضحا أن الولايات المتحدة تدعم الوجود العسكري التركي طويل الأمد وخاصة في الغرب، في حين لا تريد أوروبا وجودا تركيا في ليبيا وهذا يثير صراعًا طويل الأمد بين بروكسيل وأنقرة.
ورأى فيشمان أن “الأتراك يؤدون حاليًا دورًا مفيدًا ومنتجًا في المساعدة في إزالة أطنان من العبوات الناسفة التي تركها المرتزقة الروس وراءهم، وبدون وجود القوات، التركية نعود إلى حيث كنّا قبل شهرين في وضعٍ تتعرض فيه طرابلس للتهديد المباشر ونيران المدفعية كل يوم وهذا لا يمكن أن يستمر”.
مطامع تركيا
وقال فيشمان إن تركيا تكتسبُ الآن الكثير من المصداقية خاصة في غرب ليبيا ومنطقة طرابلس بسبب دورها في تقديم المساعدة لإنقاذ حكومة الوفاق الوطني، وعلى الأتراك أن يكونوا حذرين لأنهم إذا تجاوزوا دورهم فكل شيء يمكن أن يأتي بنتائج عكسية.
وبشأن هدف تركيا من التدخل في ليبيا، أكد “بِن فيشمان”، أن الأتراك يتوقعون الحصول على عقود عمل وأن يجنوا المكاسب مع الاتفاقية البحرية واستكشاف النفط وعقود الطاقة.
منصب المبعوث الأممي
وبشأن منصب المبعوث الأممي الشاغر منذ استقالة غسان سلامة منذ مارس الماضي، بيّن فيشمان أن إدارة ترامب لا تريد أميركيًّا في المنصب، حتى لا يظن الآخرون أن الولايات المتحدة هي التي تقود العملية، مجددا التأكيد أن ليبيا ما زالت ليست أولوية للإدارة الأميركية، لافتا إلى أن ستيفاني ويليامز تحتاج وراءها إلى الثقل الكامل لمجلس الأمن الدولي لاستعادة الدور الأممي.
ورأى فيشمان أن الولايات المتحدة لا تدعمُ بشكل فعال الأمم المتحدة في مفاوضاتها الداخلية مع وبين الليبيين أنفسهم، كما لا تدعم بشكل كاف تعيين مبعوث خاص دائم بعد استقالة سلامة، وقال إنه سمع عن توجه لتقسيم مَهمّة المبعوث الأممي على شخصين، وأن يعمل أحد الأوروبيين كمفاوض بين الأطراف للتوصل إلى وقف لإطلاق النار ومنع الحرب، وآخر هو من يدير مهمة البعثة بالفعل على الأرض.
الوضع الإنساني
وعن الأوضاع الإنسانية، أشار كبير باحثين في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إلى أن ليبيا تغيّرت بشكل واضح ولكن للأسوأ بسبب الحرب الأهلية المستمرة والتي خلّفت مئات القتلى والآلاف النازحين، معتبرا أن المقابر الجماعية في ترهونة أمرٌ مروِّع وكذلك الألغام المضادة للأفراد الذين يعودون إلى منازلهم في طرابلس.
وأوضح أن ليبيا إذا دخلت في عام آخر من القتال، فربما تتحول إلى وضع شبيه بسوريا، وفي نهاية المطاف الشعب الليبي هو من يدفع الثمن في هذه الصراع.