تجرهي المنسية.. حياة تتواصل رغم التهميش
بلدة تجرهي آخر قرية مأهولة في أقصى الجنوب الليبي ..
عبدالوهاب قرينقو
خاص 218
..
في الطرف الجنوبي من تجرهي تشمخ أطلال القلعة التاريخية الإيطالية وقد حوطتها المساكن القديمة التي قطنها أهل البلدة قديماً قبل بناء القرية الجديدة.
..
قلعة الحاكم الإيطالي وغيرها العديد من المعالم الأخرى مثل قلعة آغاياريا وهي الأقدم وقصر كزراوه.. ورغم الاختلاف على تاريخ بناء قلاع تجرهي وحصونها إلا أنه لايختلف اثنان على عراقة تلك الربوع
تجرهي واحة من نخيل يجود على التجرهيين بطيب التمر ومياه سلسة عذوبتها من طيبة ساكنيها وعلى مقربة منهم معالم بلدتهم التاريخية وخلفها على سفوح جبل آراسة تنتشر بقايا مقابر تاريخية يرجح أنها من أيام الحضارة الجرمنتية وقومها الذين استوطنوا مساحات شاسعة من الجنوب الليبي الوسط والغربي .. وأبناء تجرهي اليوم يحافظون على كل موروث هذه المطارح الغالية من ليبيا .
..
في رحلة تصوير لم يكتف الزميل حسن التباوي المذيع في القناة برصد الملمح التاريخي لتجرهي بل تجاوزه للحياة اليومية للناس فتنقلت كاميرا 218 بين مدارس البلدة وسوقها وشوارعها غير المعبدة وسط خدمات بالكاد تُذكر
صباح الصحراء يتنفس في تجرهي ، فيما التلاميذ يدخلون فناء مدرسة البلدة تباعاً وداخل القاعة يستلمون دفاترهم مبتهجين مع رائحة الكتب الجديدة التي تداعب أرواحهم التائقة لرفاهية وعيش كريم ،فلكل تلميذة وتلميذ كتاب وأكثر ولكل منهم حلم في طريق المستقبل هنا في تجرهي أو في أي مكان يساهمون منه في بناء البلاد .
في تجرهي كل مراحل التعليم ،الابتدائي الذي افتتح له المجال في العام الدراسي 1969 – 1970 والإعدادي الذي بدأ سنة 1986 والثانوي الذي جاء متأخراً للبلدة سنة 2004 .
إعلامياً وصل بث التلفزيون الليبي إلى تجرهي –أيضاً متأخراً- سنة 1987 م.. وعلى الصعيد الشبابي يوجد نادي الصحاري الرياضي .. أما ثقافياً ففي البلدة فرقة فنية باسم فرقة الراسة للفنون الشعبية التباوية ،دون أن ننسى المتحف الذي أسسه الأستاذ “حسن بركة” لجمع المقتنيات الشعبية التي تمثل تراث وعادات قبائل التبو .
..
في تجرهي يمتهن السكان والوافدون من عرب وأفارقة عديد الحرف والوظائف الخدمية .. ففي البلدة دكاكين للخضروات والفواكه وأخرى للحوم سوق للتمور يصدر فائضه إلى دول الجوار القريبة المتاخمة للحدود الجنوبية كالنيجر وتشاد .
هذه جوانب من ملامح أولية لقصة بلدة ترقد بسلامٍ عند نافذة ليبيا على دول جنوب الصحراء اسمها ” تجرهي ” بأهلها الطيبين ومواردها القليلة ونسيان الحكومات المتعاقبة والمتشظية لها كبلدة يفترض أن تكون لها أهميتها كوجه من وجوه ليبيا عندما تدخلها من الجنوب .. بلدة ليبية ولكنها منسية على الحدود البعيدة عن عواصم صنع القرار . . . وأيُّ قرار !! .
ــــــــــــــــــــــــــــ
تصوير : حسن التباوي وعبدالجبار شهاء
خاص 218