بويصير.. سيرة رجل متقلب
محمد بويصير .. أميركي من أصل ليبي ناشط على الفيسبوك، أثار اليومين الماضيين كثيراً من التعليقات بعد أن دعا المجموعات المسلحة المنضوية تحت سلطة فايز السراج لنقل المعركة إلى الحقول النفطية. ولم يمض إلا حوالي يومين حتى وقع هجوم داعش على بوابة أمنية قريبة من حقل زلة النفطي.
ورغم استبعاد أن يكون بويصير على علاقة بالهجوم المباشر، لكن ما أثار التعليقات والردود هو المرحلة الجديدة التي وصلها المذكور في جبهته التي فتحها على الجيش الوطني منذُ الحادثة الشهيرة التي رفض فيها المشير حفتر تصوّراً قدّمه بويصير يُبدي فيه استعداده للعمل عنده كمندوب ترويجي في الولايات المتحدة. الحادثة التي انتهت بتعليق للمشير على هامش ذلك العرض انتشر بين الناس نصه: غير مقنع. وتحول هذا التعليق الى ما يشبه اسم شهرة جديد لبويصير على صفحات السوشيال ميديا.
ما كتبه بويصير -على شراسته- ليس غريبا من شخص مليء بطموح لعب دوراً على المسرح رافقه لسنوات طويلة دون أن يصل به إلى المراد.
في تتبع سريع لمسيرته العملية. سُجن محمد بويصير لمدة أشهر في أحداث الثورة الشعبية أول السبعينيّات قبل أن يتوسط له ياسر عرفات ويخرج من السجن تاركا رفاقه الذين قضى بعضهم حوالي عقد ونصف في السجن. وبعد إقامة مؤقتة في مصر انتقل للعيش في الولايات المتحدة ليبرز طموحه مجددا، حين التحق في السنوات الأولى من الألفية بأوساط سيف الإسلام ومشروعه “ليبيا الغد” واسترد أملاك العائلة ووضع لافتة كبيرة في بنغازي تعلن بدءه في البناء.
وعندما قامت فبراير قفز من السفينة ونشر شريط فيديو – يُعتقد أنه مفبرك– لمكالمة بينه وبين سيف استعرض فيها بويصير تهديدات شديدة اللهجة منها أنه سوف يمسح بوجه سيف “بلاط المكتب متاعه” ..وسبب الاعتقاد بفبركة الفيديو هو عدم سماع صوت سيف المزعوم في المكالمة وغرابة لغة المكالمة المتهورة على رجل عرف بحساباته المتعددة.
وحاول بعد ذلك فتح باب على قناة فبراير الأولى “ليبيا الأحرار” ومدح جهود طاقمها الشاب لكن جهوده تعثرت لعدم انفتاح فريق القناة عليه وحرمانه من فرصة الظهور على منبر فبراير الإعلامي الرسمي.
بعد ذلك بفترة قامت عملية الكرامة وبعد فترة من المراقبة تقدم بويصير بعد نجاح العملية ليقدم نفسه في خدمة المشير حفتر كمستشار وداعم وكتب عشرات التعليقات في مدح القائد العام والكرامة وهجاء الميليشيات. لكن حتى هذه المرة سوف يتعثر بعد أن علّق المشير تعليقه الشهير على هامش ورقة إبداء الخدمات التي تقدم بها بويصير كما أسلفنا.
كان غضب بويصير بلا حدود.. وعبّر عنه عندما انتشرت إشاعات المشير أثناء وعكة صحية مفترضة منذ أشهر .. خلال ذلك . أكّد بويصير الوفاة في منشوراته مدعيا علمه بالواقعة وناشرا مجموعة تعليقات بالخصوص عبر أيام. وحينما اكتُشفت الكذبة مسح تعليقاته من على صفحته، وأعلن اعتزاله التعليق على السياسة الليبية. وهو أمر لم يصمد إلا بضعة أيام ليعود مجددا للعادة القديمة قافزا من جديد لسفينة السراج، فبدأ يكيل له المديح ويظهر التبجيل ويقدم النصائح التي كان من بينها اقتراحه على المجموعات المسلحة الهجوم على مناطق النفط، والذي شاء حظه العاثر أن يحدث بعد حوالى يومين من ندائه ليزيد في ورطته.
هل سيسكت بويصير مجددا؟ ذلك مستبعد لشخص صار القفز بين الجهات سلوكا ونمطَ حياة بالنسبة له، كما وصفه معلق سألته 218 هذا السؤال.
ورغم أن إمكاناته المتواضعة لم تسعفه في تحقيق طموحه الشره للظهور على المسرح فإنّ المتوقع لبويصير أن يستمر في لعبه بالكلام، وبالطبع لا يُستبعد أن يعود طارقا باب المشير مجددا، إذا ما دخل الأخير طرابلس بشكل ما. وحتى إن لم يحدث ذلك فانقلابه على السراج والمجاميع المسلحة التي تستظلّ به ليس احتمالا بعيدا. فالانقلاب والتنقل من جهة لأخرى يحدث عند بويصير وكأنّه من ضرورات الحياة.