بروباغاندا حفتر
طه البوسيفي
سيشارك؟ لا لن يشارك. إيطاليا الاستعمارية الفاشستية لا يمكن أن تطأها أقدام المشير أركان حرب خليفة بلقاسم حفتر بتاتاً، المرجفون في المدينة كانوا يشيعون الأخبار الكاذبةبأنه سيذهب لباليرمو للنيل منه، كانوا يترقبونه للظهور من هناك، فجأة قام _كعادته _بصعقهم، فظهر لهم من موسكو مصافحاً سيرغي شويغو وزير دفاع الدببة، يا له من مارشال، يا له من فذ، يا له من ليدر، قادر على إركاع الغرب وإملاء شروطه عليهم، قادر كذلك على ثقب الأوزون وتجميد مصب النيل والمشي على الماء. حفتر أقوى من الشدة، وأطول من المدة، وأحدُّ من السين، وأهدأ من السكون، وأسرع من لمح العين.
الآلة الإعلامية التي تعمل لصالح المشير خليفة حفتر قادرة على تحويل الهزيمة إلى نصر، لا شك أن هذا الأمر خداع في خداع، لكنه لا يخلو للأمانة من بعض الدهاء، أي نعم هو ممزوج ببعض الصفاقة و(صحة الوجه) والقدرة على (الملاطعة) والجدال في المسلمات، إنما برغم كل ذلك تثبت الجوقة بأنها موجودة ومتمترسة خلف شخصية حفتر وقادرة على إبرازه منتصراً، حتى وإن كان المشير نفسه يناقضهم ويخالفهم في كثير من خطواتهم حين تختلف مواقف الفعل وردة الفعل، وحين تكون موجة التمجيد عالية.
في أيام عملية النبيان المرصوص، كان الترحم على مقاتلي العملية في بدايتها جريمة نكراء، إلى أن خرج حفتر وترحم عليهم، بل أثنى على ما قاموا به، حينها أحرجت الأبواق، وبدأت الآلة الإعلامية تتغير وتتكيف مع تصريحات المشير الأحدِّ من السين، مرت فترة على هذا الحال، جاءت حملة التفويضات، كان الحديث عن الانتخابات خيانة لدم الشهداء، خرج حفتر وبارك إجراء العملية الانتخابية، كان ذلك صفعة جديدة لحزب المطبلين، أكفهم تجمدت، وبناديرهم ارتخت وما عادت ترن كما كانت.
ذهب المشير إلى موسكو وعاد منها إلى الرجمة، نشطت الآلة الإعلامية، وحولت المسار من زيارة اعتيادية إلى قفزةٍ نوعية يرد بها على دعوته لحضور مؤتمر باليرمو، والذهاب إلى دولةٍ ترى ليبيا الشط الرابع ومنجم الذهب والبقرة الحلوب، في دولة هي من أكبر أعداء الجيش والشرطة، وتقف إلى جانب المتأسلمين والميليشيات وفايز الضعيف.
بعد ذلك بيوم انتفخت الحروف من الأبواق بترويج خبرٍ مفاده أن كونتي استقل طائرة على عجل لإقناع المشير بالتوجه إلى باليرمو، عُدّ هذا مكسباً جباراً لا يفعله سوى رجل بحجم المشير الذي أرغم إيطاليا على أن تأتيه بنفسها وتستجديه وهو على كرسيه الجلدي الوثير، الأكثر من ذلك أنه رفض الزيارة، (لن يذهب إلى باليرمو)، هنالك حيث الإخوان ومشتقاتهم من زبدة وقشتة و(لبنة هنقارية)!!! هذه الحركة لا تكاد يضاهيها سوى تقبيل بيرلسكوني يد معمر القذافي.
بعد ذلك بيوم، يسافر حفتر إلى إيطاليا، إلى باليرمو، إلى مكان انعقاد المؤتمر تحديداً، يمشي على السجاد، يصافح كونتي، يستقبله، يرحب به ترحيباً حاراً، يبدأ حديثه بكلمة مستر لا كلمة مارشال، يلتقط الصور معه خلف الشعار الرسمي لمؤتمر باليرمو!!! هنا تشتتت الجوقة، خرجت عن الإيقاع وانفلتت عن اللحن والوزن، أصبح صوتها نشازاً، فخليفة أحرجهم للمرة المليون !!
لا بد هنا من موقف للتدارك، القيادة العامة قالت إن المشير توجه فعلاً إلى باليرمو لكن ليس للمؤتمر! كيف؟ اسألوا المسماري، المهم أن هذا التصريح أثلج صدور الجوقة وأجرى في عروقهم الدماء، اشرأبت رقابهم وأطلت رؤوسهم بعد أن ردمت في الرمال كالنعام ، المشير ذهب لاجتماع الرؤساء، أما مؤتمر باليرمو فلا لن يشارك فيه !!! وهكذا دواليك ستستمر الحكاية.
الفرق ما بيننا وبينكم هو أننا والمشير نؤمن بنفس المبادئ، ننادي بذات المطالب، أما أنتم فلم أجد ما أصفكم به سوى بيت شعر الإمام علي: ولا خير في ود امرئ متلون إذا الريح مالت مال حيث تميلُ