بايدن والعلاقات التركية.. ملف شائك وتركة ثقيلة
تقرير 218
تحديات وأزمات كبرى من المتوقع أن يواجهها الرئيس الأميركي جو بايدن، تزيدها تعقيدا الأزمات المُرحّلة من فترة الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي اتسمت فترته بارتباك استراتيجي، ومحاباة للحكام المستبدين، ما يجعل العلاقات مع الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران أكبر التحديات الخارجية، لكن الاختبار المبكّر الذي من المُرجح أن يواجهه بايدن هو التحدي المتزايد الذي تُشكله تركيا للقانون الدولي والأمن والاستقرار في شرق البحر المتوسط.
وشجع التراخي وعدم الحزم في السياسة التي اتبعها كل من ترامب والمستشارة الألمانية إنجيلا ميركل تجاه التجاوزات التي ارتكبها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بدافع الجهل من الأول، والخوف من ملف الهجرة عند الثانية، شجع أردوغان على رؤية خصومه على أنهم ضعفاء، ودفعه لاتخاذ مواقف أكثر تطرفا، فزاد عدوانه على أكثر من بلد، من شمال قبرص التي قوض جهود حكومتها في التنقيب عن الغاز، إلى اليونان التي انتهك مياهها الإقليمية بحثا عن موارد الطاقة.
ولم تقف تدخلات أردوغان عند هذا الحد، فقد قامت القوات المدعومة من تركيا والقوات التركية بغزو منطقة عفرين السورية وتطهيرها عرقيا، وضمت فعلياً بلدات أخرى في شمال سوريا، كما قصفت الطائرات الحربية التركية قرى إيزيدية في منطقة سنجار العراقية، وأرسلت تركيا مرتزقة سوريين من الموالين لها، بمن فيهم بعض المرتبطين بالقاعدة وداعش للقتال في ليبيا وأذربيجان، ومع ما تعيشه تركيا الآن من تعثر في الاقتصاد، وتراجع في قيمة الليرة فإنه من المرجح أن يزيد أردوغان من عدوانيته خارجيا لإلهاء الأتراك عن الكارثة التي كان مسؤولا عنها بلا شك.
وإن كان تساهل ترامب مع أردوغان سهّل للرئيس التركي الإفلات من المساءلة عن أفعاله، فإن فريق بايدن لن يتسامح مع مثل هذه الإجراءات، ومن المرجح أن تواجه تركيا أو المؤسسات التركية عقوبات سيزداد أثرها مع هشاشة الاقتصاد التركي اليوم، وربما تمضي الأمور نحو تصادم دبلوماسي واقتصادي.