الويل من ضوضاء المسرح
خالد القشطيني
ما من شيء يزعج الممثلين والممثلات أكثر من عطاس وسعال المشاهدين، ولا سيما عندما يحتلون المقاعد الأمامية قريباً من خشبة المسرح. وتتفاقم المشكلة في مواسم شيوع مثل هذه الإصابات، على الأكثر في الشتاء والبرد. يتحول ذلك إلى كارثة بالنسبة للحفلات الموسيقية التي تتطلب السكون التام.
أتذكر أنهم في قاعة برستل في إنجلترا قد وزَّعوا علينا مع تذاكر الدخول أقراصاً طبية تقمع السعال. حالما يشعر المشاهد بأن حنجرته تتشنج للسعال يضع حبة من هذه الأقراص في فمه ويمصها ليمنع ذلك.
هذا بالنسبة للعوارض الصحية الطبيعية. بيد أن الممثلين يعانون مثل ذلك أيضاً عندما يكون هناك نفر من الناس لا ينقطعون عن الكلام فيما بينهم أثناء قيام الممثلين بأدوارهم.
لم أكن ممثلاً ولكنَّني كنت واحداً من المشاهدين. ومع ذلك عانيت كثيراً من هذه الضوضاء من الجالسين قربي. وكان الممثلون يؤدون أدوارهم من مسرحية شكسبير «الليلة الثانية عشرة».
ومسرحيات شكسبير تتطلب دائماً التركيز والإنصات التام، ولا سيما بالنسبة لواحد أجنبي مثلي قليل الدراية بلغة شكسبير. تضايقت كثيراً من هذه الشلة من المشاهدين. حاولت أن أهمس لهم ليقطعوا كلامهم. مددت رأسي نحوهم وأنصتت. لاحظت أنهم لم يكونوا يتكلمون بالإنجليزية. وجدت أنهم كانوا يتكلمون بالعربية! فتمتمت لهم: «هشششش!» سكتوا! نظر المشاهدون الآخرون نحوي بابتسامة رضا وتشجيع. وانتهز هذه الفرصة لألفت نظر بعض المواطنين العرب والأجانب بأن يلتزموا بالسكوت والهدوء أثناء الموسيقى والمسرحيات. ولا يتلفوا على الآخرين متعتهم.
عانى الممثل جون بريمور من موقف مشابه من مجموعة أخرى في أحد المسارح الإنجليزية. لم ينقطع الحاضرون من الهذرفة والسعال. كان دوره على المسرح يتضمن حمل عدد من الأسماك. وتضايق من ضوضائهم إلى حد أن جعله يخرج من سلته سمكة كبيرة رمى بها إليهم وقال: «اشغلوا نفسكم بها». لا أدري إن كان ذلك جزءاً من المسرحية أم لا. ولكنها قامت بدورها جيداً. لقد انشغلوا بأكلها وسكتوا!
وتضايقت الممثلة أثيل باريمور من الضوضاء الواردة من إحدى المقصورات القريبة المشرفة على خشبة المسرح. اضطرت لقطع حوارها والتفتت إلى الشاب الجالس في المقصورة وقالت له: أنا سامعة صوتك زين. لكن ارفع صوتك شوية لصاحبتك. فهي لا تستطيع سماعك!
وكان امد جونسون يقوم بدور موسيقي في أسطوانة «مغني الجاز» وكان يغني أغنية «نهر السواني»، ولكنه واجه الضوضاء من أحد المشاهدين. توقف عن الغناء وقال للرجل: اسمع، دعني أنا وأنت نقوم بدور مزدوج في هذا العمل. أنا أغني وأنت اقذف بنفسك في نهر السواني!