المكتبة (6)
نخصص هذه المساحة الأسبوعية، كل يوم أحد، للحديث عن العلاقة بين المبدع وكتبه، والقراءة، والموسيقى.
نجيب الحصادي، دكتوراه في منطق وفلسفة العلوم، لديه (18) كتابا مؤلفا منشورا، و(27) كتابا مترجما منشورا. إلى جانب العديد من الكتب المؤلفة والمترجمة قيد الطبع.
ـ ما الذي جاء بك إلى عالم الكتابة؟
ـ بعد عودتي من الخارج، لم أجد مراجع عربية تعينني على تدريس مادتي المنطق الرمزي وفلسفة العلوم، فبدأت في الترجمة وفي التأليف الأكاديمي. هذا عن الكتابة المنشورة في صورة كتب. أما الكتابة بإطلاقها فقد أصبت بها مبكرا، حين كنت أكتب ما يعنّ لي من خطرات، وفي الجامعة انضممت إلى هيئة تحرير مجلة قورينا، وبعد تعرفي إلى الوسط الثقافي الجامعي بدأت في قراءات متنوعة كنت أستلهم منها مقالاتي التي نشرتها في هذه المجلة.
وبعد سفري إلى الخارج انقطعت صلتي بالعربية، واقتصرت قراءاتي على ما أكلف به في الدراسة، وكذا شأن كتاباتي. وبدءا من العقد الأخير من القرن الفائت ولجت عالم الشأن العام، وكانت لي تجارب في الأنشطة الثقافية، لعل أبرزها خمسينية الأسطى عمر، ومهرجان الأسطى للفكر والفنون الذي أقيم مرتين. وفي العقد الثاني من هذا القرن ولجت عالم مراكز البحوث، بمشاريعها الكبرى، بدءا من رؤية 2025 وانتهاء بدور القانون في المصالحة الوطنية، ومرورا باستطلاع الدستور، ومعايرة مسودة الدستور، ومشروع الدساتير المقارنة، والمسح القيمي. وخلال هذه الفترة، منذ رجوعي من الخارج عام 1983، لم تنقطع صلتي بالبحث والترجمة والتأليف في حقل الفلسفة، كما ظللت أكتب بين الفينة والأخرى المقالة الفلسفية الميسرة نسبيا للقارئ العام.
ـ ما الكتاب الأكثر تأثير في حياتك؟
ـ ليس هناك كتاب بعينه أثر في حياتي، فقد تأثرت بعديد الكتب في فترات متباعدة، ولكني أذكر ثلاثية نجيب محفوظ، وكتاب (اللامنتمي) لكولن ولسون، ورواية (الطاعون) لألبير كامي، و(زوربا) وسيرة صاحبها نيكوس كازنتزاكي الذاتية، بجزئيها: (التقرير إلى غريكو)، و(الطريق إلى غريكو)، وكتاب توماس كون (بنية الثورات العلمية)، الذي كتبت أطروحتي في الدكتوراه حول تصوره للعقلانية العلمية، وكتاب (التفكير الناقد في القضايا الأخلاقية) لتوماس ويل، الذي ترجمته منذ عقدين تقريبا، وكتاب (ضلع الإنسانية الأعوج) لإزيا برلن الذي ترجمته صحبة زاهي المغيربي، وكتاب (التنوير مختلفا عليه) الذي ترجمته أيضا صحبة زاهي وهو قيد الطبع الآن.
ـ أول كتاب قرأته؟
ـ لا أذكر تحديدا، ولكن حين كنت في الإعدادية أذكر قراءتي (عودة الروح)، و(العبقريات)، ومعظم روايات إحسان عبد القدوس.
ـ علاقتك بالكتاب الالكتروني؟
ـ ليست وطيدة، لكني أطلع بين الفينة والأخرى على أجزاء وأحيانا فقرات من أعمال نشرت إلكترونيا.
ـ الكتاب الذي تقرأه الآن؟
ـ اطلعت منذ أيام على كتاب حول أعمال الفنان الساخر محمد ازواوة (تحرير فاطمة غندور)، وعلى كتاب لعبد العالم القريدي حول ترجمة المصطلحات النحوية.
ـ الموسيقى المفضلة لديك؟
ـ العربية أساسا، والشرقية خصوصا، وإذا ما تحدثنا عن الموسيقى المصاحبة للغناء، فأنا من هواة الاستماع إلى عبد الوهاب وأم كلثوم وفيروز وذكرى وعادل عبد المجيد.
ـ علاقتك بمؤلفاتك؟
ـ كعلاقتي بالكتاب الإلكتروني، فهي ليست وطيدة، وأنا لا أحبذ قراءة ما أكتب إلا حين أخوض في قضايا سبق لي الخوض فيها، فأرجع إليها وكثيرا ما أعدل فيما سبق لي إقراره. أحيانا أجد صعوبة في فهم ما كتبت، وفي أحيان أكثر لا أجد وجاهة فيما قلت. أفكاري وأحكامي تتبدل وتتطور، وأنا لا أجد غضاضة في ذلك، وأنا لا أقيم اعتبارا للأفكار والأحكام بقدر ما أقيم اعتبارا للحجج التي تعززها. أما كتبي المترجمة فأتجاوزها بمجرد دفعها إلى الطباعة.
ـ هل ستغير الكتابة العالم؟
ـ نعم، وقد فعلت ذلك عبر التاريخ، ويكفي أن نذكر ما فعلته الكتب المقدسة، وما فعلته كتب من قبيل (كتاب الطبيعة) لأرسطو، و(الجمهورية) لأفلاطون، و(الأمير) لميكافيللي، و(رأس المال) لماركس. معظم إن لم تكن كل الطفرات التي شهدها العالم تأسست على أعمال مدونة لأشخاص لعلهم لم يتوقعوا هم أنفسهم أن تحدث الأثر الذي أحدثت.
ـ ماذا تحتوي مكتبتك؟
ـ تنويعة من كتب الأدب والفلسفة والتاريخ وعلوم اللغة.
ـ ما الذي يشغلك اليوم؟
ـ أعكف منذ فترة على مراجعة ترجمتي لـ (قاموس كيمبردج) الذي أمضيت في ترجمته أكثر من خمس سنوات. وأشارك أيضا في مشاريع الأبحاث التي يقوم بها (مركز دراسات القانون والمجتمع) في جامعة بنغازي، وسوف نبدأ قريبا بمشروع حول (تيسّر العدالة)”. أيضا فإني في طور بحث أشارك به في تكريم الدكتور الكوني عبودة بعنوان (هل لدينا خبراء؟).