المطر والدرس في زمن الرداءة الليبية
عبدالوهاب قرينقو
غرباً وشرقاً تعلن الرئاسات والوزارات وحتى المجالس البلدية إيقاف الدراسة وحرمان الطلبة من أيام دراسية، كلما هطل الغيث النافع ، مضاف إليه هذه الأيام تساقط القليل من الثلوج على جبلي البلاد الأخضر والغربي، مع موجات برد في بقية الأرجاء والعذر كالعادة رداءة الطقس وسوء الأحوال الجوية.
العذر الحقيقي الذي لاتعترف به حكومتا الوفاق والمؤقتة على حد سواء هو رداءة البنية التحتية لمدن وبلدات البلاد وسوء الخدمات في ظل شبه انهيار للدولة الليبية مع انعدام مواصلات عامة جيدة بل ولا الحد الأدنى منها.
يضاف إلى الأعذار الحقيقية سوء شبكة الكهرباء في الأحوال العادية فما بالك في ظروف شتاء كهذا، ناهيك عن شح السيولة في جيوب الأباء وفصول دراسية بدون تدفئة وأكثرها بلا زجاج نوافذ وبلا دورات مياه صالحة ومشاكل لاتعد ولاتحصى.
ضف لكل ذلك السوء ماحدث مؤخراً في ثاني كبريات مدن البلاد بنغازي حين ألقت الشرطة القبض على طلبة خرجو من المدرسة في حالة غياب ومعاملتهم كمجرمين لصوص أو قتلة وإركابهم قسراً في سيارات شرطة مجهزة بأقفاص سجنية، ولا أحد يعلم حتى الآن ما تلقوه في قسم الشرطة .. غبنٌ آخر يتعرض له الطالب الليبي .
مالفت نظري وأنا أكتب هذا المقال، مراقبة تعليم بلدية الجفرة – (والتي تضم مدارس خمس مدن، وَسَطَ البلاد، هي هون وودان وسوكنة وزلة والفقهاء) – تصدر قرارها بالاكتفاء بإلغاء الطابور الصباحي للطلبة – لاغير- وتقول في إعلانها على صفحتها الرسمية على فيس بوك: (نظراً لانخفاض درجة الحرارة وخاصة في ساعات الصباح الأولى يعلن مكتب “مراقبة تعليم الجفرة ” لكل المدارس عن إلغاء الطابور الصباحي في هذا الأسبوع والعمل على توفير الجو الملائم لأبنائنا الطلبة) .
وتنبه المراقبة في نهاية إعلانها إلى أن يوم الأحد –(الذي هو عطلة تكاد تكون رسمية في معظم أرجاء البلاد) – هو يوم دراسي في كل مدارس بلدية الجفرة وتتمنى الصحة والسلامة للجميع.
قرار تعليم الجفرة هو ذا التعامل النموذجي والحضاري الذي ينبغي أن تكون عليه مؤسسات تعليمنا الليبية وليس البحث عن أي ذريعة لتعطيل الطلاب عن مدارسهم.
ختاماً كل عام يصل الشتاء وتتوقف الدراسة والوظائف العامة في انتظار لملمة شتات سياسي لا يتحقق .. والطالب الليبي والأسرة الليبية دائماً وأولاً مَن يدفع ثمن رداءة خدماتِ بلادٍ بلا حدٍّ أدنى من مقومات الحياة.