الليبيون يتحسرون على الرقم (90)
218TV|خاص
أصبح ممكنا القول إن حماسة الليبيين التي طغت في الأشهر الأربع الماضية تجاه ملف الانتخابات والتسجيل لها، قد بدأت بالهبوط التدريجي، وهم يرون أن العالم يدير ظهره لملف الانتخابات، كما أداروا ظهرهم لمعاناة الليبيين في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الخانقة التي يعيشونها منذ سنوات طويلة، بدون تقديم أي مقاربة سياسية للحالة الليبية التي تحتدم انقساما سياسيا حادا، وبدون أي آلية دولية ل”المتابعة والتقييم” باستثناء البعثة الأممية الخاصة بليبيا، والمقيمة في العاصمة التونسية من دون أي معرفة حقيقية ب”الأزمة اليومية” التي يعيشها الليبيون.
مع نهاية شهر مارس الحالي فقد أضاع العالم ومعه الليبيين تسعين يوماً من عام 2018 الذي تعهد المبعوث الأممي إلى ليبيا الدكتور غسان سلامة بأن يكون عام الحل السياسي، والانتخابات البرلمانية التي من المرجح أن تفرز واقعا سياسيا جديدا، بعد أن أخفقت كل “الوصفات السياسية” في تشكيل وضع جديد في ليبيا التي تردى اقتصادها على نحو مسبوق، إذ وُصِف بأنه “اقتصاد مليشياوي” من شخصيات ليبية ومحللين اقتصاديين، فيما يتردد أن الأصول الليبية يجري استنزافها بالخفاء، إضافة إلى عدم وضوح آلية مبيعات النفط، وتوريده، وأوجه استخدام عائداته بين حكومات منقسمة، في ظل برلمان شرعي لكن مُعطّل سياسيا وتشريعيا.
90 يوما ضاعت على الليبيين، رغم أن العملية الانتخابية تتطلب تحضيرات من نوع خاص، أولها إقرار مسودة الدستور إما برلمانيا أو بعرضها على الليبيين في استفتاء شعبي مباشر، فيما التحضيرات اللوجيستية للاستفتاء تتطلب تعاون السلطات على نحو كبير، مثلما يتطلب الأمر أيضا صدور قانون انتخاب بصرف النظر ما إذا كان دائما أم موقتا، لكن صدوره هو عملية فنية وتشريعية قد تتطلب وقتا طويلا، عدا عن أن افتراض توافق سياسي وحزبي سريع حوله، هو أمر دونه عراقيل كثيرة وكبيرة.
أطلق الليبيون ومعهم العديد من الساسة المؤثرين والنافذين في المشهد السياسي القائم عملية تأييد واسعة للملف الانتخابي، باعتبار الانتخابات حلا أفضل بكثير من البندقية كما قال غسان سلامة الذي ينتظر الليبيون منه “جرعة تدخل” أقوى في المشهد الليبي لوضع ملف الانتخابات على الطاولة بوصفه أولوية متوافق عليها، والطلب من الساسة المتقسمين الشروع فورا في إجراءات التحضير لها، وسط مخاوف أن تكون المماطلة في إجرائها بابا لإبعاد الانتخابات، وإبقاء الوضع القائم كما هو، وسط قناعة ليبية متزايدة أن الوضع الحالي مريح جدا لكثير من الساسة الذين أسقطوا معاناة الليبيين من قائمة أولوياتهم.