الله أكبر.. بادي في الجنوب
218TV| خاص
فرج عبدالسلام
يحضرني هجاء المتنبي الشهير: “وكم ذا بمصر من المضحكات*** ولكنه ضحكٌ كالبكاء” عندما أسمعُ خبر توجّه سيادة العقيد “بادي” قائد لواء الصمود، إلى الجنوب الليبي الذي “يُحتضر” لدعم أهله المحتاجين…. ولن نخطئ كثيرا إذا ما استبدلنا مصر بليبيا في بيت المتنبي..
لقد تأكد لنا جميعا في ليبيا وفي خارجها، أن الجنوب الليبي يأتي في آخر قائمة اهتمامات أهل الشمال الليبي، الذين يتصارعون على السلطة والنفوذ وتقاسم الغنائم، ويختلق ساسته و “عقلاؤه” شتى الأعذار لإطالة أمد الصراع الأهبل والعبثي…
كل الصراعات التي شهدها العالمُ بين أبناء الوطن الواحد تطورت من مجرد خلافات بسيطة إلى محنٍ كبرى، لم يتفطن إليها القومُ إلا بعد أن أتت على الأخضر واليابس وخرّبت مقدراتٍ وكثيرا من النفوس. ولابد أنه سيأتي علينا يوم نعض به على النواجذ ونقول إن بداية تشظي الوطن الليبي هي يوم أن فرّطنا في الجنوب وتركناه مرتعا للإرهاب وللجماعات القادمة من الخارج لتحل نزاعاتها فيه، ولتملأ الفراغ الذي سببه غياب الدولة والغيبوبة التي يعيشها الليبيون بعد نشوة تخلصهم من الاستبداد.
ولكن استحضار تاريخ “السيد بادي” هنا ليس من فراغ… فبقدر ما نحييه على فزعته الليبية، بقدر ما نخشى أن يزيد الأوضاع سوءا كما عهدناه، فما نذكره للرجل هو أنه كان صوتا مميزا ومن قادة الجماعات المؤثرين الذين لهم السبق في الانقلاب على شرعية صندوق الانتخاب عام 2014، والذي بسببه وبسبب أمثاله لازلنا نعيش هذا المخاض العسير الذي لا يفتأ في كل مرة أن يلد مسخٍا يظنه الليبيون أنه سيكون حبل نجاة.
قد يكون في إعلان السيد بادي تكفيرا عن جرمٍ خطير ارتكبه في حق الوطن، ولكني لا أعتقد أن الليبيين سينسون صيحته المشهورة في مطار طرابلس، وهو يذكي نار الحرب الأهلية ويدمر مقدرات الليبيين، في ما اعتُبر سابقةً سار على نهجها الكثيرون منذ ذلك اليوم المشؤوم.
لازلت أعتقد أن أهل الشمال لم يعوا بعد درس ما يحدث في الجنوب.. وما نراه من “مبكيات” يوميةٍ خير دليل على المأساة.. ولكني هذه المرة مع إرجاء مساءلة من أساؤوا في حق الوطن، ولا أملك إلا أن أشد على يد السيد بادي ورفاقه في فزعته، راجيا إياه أن يكون تدخله إيجابيا هذه المرة.. وأن يمحوا عار فعلته الأولى التي نُقشت في الذاكرة الليبية.