الكنوز المدفونة.. سرابٌ يحسبه الظمآن ذهبا
خاص
أحلام المهدي
لطالما كان “الجبل” بارتفاعاته الشاهقة وأراضيه الشاسعة وتضاريسه المتنوعة مرتعا خصبا للأساطير والروايات الغريبة، ولطالما كانت القصور التي بناها الأجداد هناك مسرحا لكل غريب ونفيس، في ضواحي “غريان”، وتحديدا في الطريق منها إلى “العربان” تمتد الأراضي الخضراء الباهتة بامتداد البصر، أما أعمدة الكهرباء فتنتشر على امتداد الطريق رغم أن بعضها قد تم تجريده من أسلاكه بفعل لصوص “النّحاس”، وقبل الوصول إلى تجمعات صغيرة لبعض البيوت التي بنتها الدولة الليبية هناك والتي منحت ملكيتها حسب مزاجها في ذلك الوقت لتُجرّد بعض أصحاب الحق من حقوقهم في أرضهم، وتجعل الطريق إلى النزاع ممهدا في كلّ حين.
قبل ذلك وبالتوغل بعيدا عن الطريق الرئيسي ستلفت نظرك بعض الحفر العميقة التي لن تستغرب كونها قرب أطلال بعض القصور القديمة، مما يعني أن من قام بالحفر إنما كان باحثا عن “كنزٍ” من تلك التي اعتاد الأوّلون ردمها قرب قصورهم وقبورهم، ويوحي عمقُ بعضها إلى الجزم بأن من قام بالحفر لن يكون شخصا واحدا على أيّ حال، بل مجموعة من الرجال الأقوياء الأشدّاء، وقبل ذلك الواثقين في نتيجة عملهم المستنزف للوقت والجهد، حتى أن البعض امتهن “البحث عن الكنوز” وصار يمارسه بشكل يومي.
لم تلتقط عيوننا إلا هذه الصور، أما نتيجة الحَفر، وإذا كان الباحثون عن الكنز قد وجدوا في هذه الحُفر شيئا أم لا، فهذا ما لن نعرفه أبدا، رغم أن بعض القصص تتناثر أحيانا هنا أو هناك لتؤكد عثور أحدهم على “كنزٍ” من العالم الآخر، ورغم ما رواه البعض عن عثورهم شخصيا على عملات ذهبية أو قطع ذهبية أخرى قاموا ببيعها بثمن بخس بسبب عدم معرفتهم بقيمتها الحقيقية، وتظل الآثار التي يتركها هؤلاء هي مايخبرنا عن أعمالهم وأحلامهم فقط، دون أسمائهم وهوياتهم.