إبراهيم قرادة
كنت أستطيع السكوت لأتجنب التهجمات الشخصية، ولكنها ليبيا التي أحب، والتي لن أترك باباً متاحاً من أجلها لن أطرقه.
مسألة المصرف المركزي، إدارته ومقره وعمله، من شح في السيولة واختلال سعر العملة في السوق الموازي، وتضخم الأسعار، وآلية فتح وصرف الاعتمادات، من ضمن المسائل الكبيرة والجدية التي تمس أمن الدولة العامة وكرامة المواطن الحياتية.
شخصيا، من خلفية علمية اقتصادية ونقدية، رغم وضوح شدة وثقل المعاناة الاقتصادية على المواطن والوطن، والاخفاق والقصور في الإدارة الاقتصادية، إلا أن الأمور كانت ستكون كارثية سياسيا ومعيشيا لو انقسم المصرف المركزي أو لم يتبع سياسة محافظة على الأصول والنقد الأجنبي.
هناك تركيز لتوجيه أصابع الاتهام إلى المصرف المركزي، ومحافظه السيد الصديق الكبير بالخصوص، بالإضافة إلى تصنيفه موالياً لخط سياسي.
تلك نقاط ناقشتها مع السيد الصديق الكبير في اللقاء معه. كان اللقاء صريحاً وموضوعي ونقدي وإيجابي. مع ملاحظة وملامسة حرص واستعداد السيد المحافظ على تقبل النقد والمساهمة والمشاركة في أي حل وطني يضمن سلامة ووحدة المصرف المركزي كمؤسسة وطنية سيادية مستقلة ذات وضعية خاصة. مع ضمان تأديته لدوره في خدمة كل ليبيا والليبيين وفق القواعد المصرفية المعروفة.
طبعا، لا جدل أن الأوضاع في ليبيا انعكست بالسلب على أداء المنظومة المصرفية في ليبيا، من قصور وتجاوزات، يحتاج المركزي أن يتوجه إليها بجدية.
الخلاصة المعلومة والمكررة، أن المصرف المركزي في أي دولة هو مؤسسة نقدية أي ليست مسؤولة عن السياسة المالية والتجارية للدولة، وأن ما نعانيه الآن هو نتاج أزمة سياسية حادة، أبرز تجسداتها في الانقسام السياسي والمؤسساتي والجغرافي الحاد في ليبيا. وأنه طالما لم تتم معالجة أساس المشكلة فلن تعالج المشكلة. وأن ما يتم الآن ليس علاج المشكلة بل هو استخدام مؤسسة النفط والمصرف المركزي والجيش كأدوات ووسائل بين تخاصم الأطراف السياسية.
ما سبق ليس تسويق ولا دعاية للمركزي ولا محافظه، بل بكل اختصار إن المصرف المركزي، مهما كانت الانتقادات ضده، هو أحد آخر خطوط الدفاع عن الوحدة الوطنية، وهو اخر خطوط الدفاع عن ادارة النقدية والأصول الليبية، ولو تزعزعت وحدته وإدارته فأخطار عديدة وجسيمة ستزحف بجنهمية، أولها الانهيار المدوي لسعر العملة. ولننظر لأسعار العملة في العراق وفنزويلا موزمبيق، وحتى بعض دول الجوار.
اضافة للإدراج: بكل موضوعية وعقلانية، هل الظرف المأزوم والمتأزم الآن مناسب ومضمون لأحداث استبدال في إدارة المصرف المركزي؟ وما هي التداعيات والعواقب لذلك؟ ربما البعض لا يعرف ولا يقدر خطورة ذلك.. ومن سيتحمل المسؤولية؟