الفنانة الليبية مروة التومي.. طبيبة تعزف على أوتار كورونا
خاص| 218
العلاقة التي تربط أدوات الجراحة الطبية، بأدوات الفنون التشكيلية، لها خصوصية كبيرة في مسيرة الطبيبة والفنانة الليبية مروة التومي. وهذه العلاقة صنعت مزيجُا من التواصل الإنساني عبر لوحات فنية تحكي الحراك البشري وعن أفكار خاصة حول الحرية والفن بشكل خاص، لكونهما حليفان في معركة الإنسان نحو طموحه الذي لا حدود لهُ.
مؤخرا كانت لها مشاركة مميزة بمعرض “إصرار” في بيت إسكندر للفنون والثقافة، وأوضحت بقولها، عبر صفحتها على الفيسبوك: “تقريبا هذا أول معرض ليبي نشارك فيه بحياتي مع نخبة من فنانيين كبار جدا ومتميزين مختلفي المدارس الفنية والأساليب ومع مجموعة كبيرة من الرسامين الهواة من مختلف الأعمار”.
وفي حديث “218” مع الفنانة مروة التومي، تحدثت عن لوحتها المشاركة في جدارية للمعرض “عزف على أوتار كورونا”، ومسألة تأثير الفيروس على الفنّ وعن أعمالها، وكان هذا جوابها عن سؤال 218 الأول: “لم يُغيّر الفيروس نظرتي للفن، بقدر ما أضاف لي الكثير، نظرتي للحياة تغيرت بشكل عام، للكثير من أمور الحياة.
وفي النهاية الفيروس سيختفي، لكن الفن سيبقى إلى الأبد ليذكرنا بأن كل شيء في العالم قد تغير وأنه جعلنا نصبح كائنات مختلفة! على أمل أن نكون أكثر تطورًا للخير، أكثر حبا وتقديرا للفن، أكثر رحمة بأنفسنا وبكوكبنا وبالآخرين!! والأهم من ذلك، أن نساهم في تغيير العالم بطريقة إيجابية ربما من خلال الفن أو بأي طرق أخرى. وأكدت الفنانة التشيكلية، أن الأزمات تخلق إبداعا حقيقيًا، الإبداع الحقيقي والابتكار هو الذي يخرج من رحم الأزمات والمعاناة ، الفنان خلاق وكلما عاش الفنان أوقاتاً عصيبة فكان من الممكن أن يعبر عنها بطريقة صادقة أكثر وعمق اكبر، وأعتقد أن هذا الوباء لن تكون له سلبيات فقط، بل ستكون له إيجابيات أيضاً، فترة الحجر الكل أعاد حساباته الكل جلس وفكر وغاص في ذاته ومع نفسه واكتشفها من جديد ربما كانت مشاغل الحياة تشغله عنها … ليس الفنان فقط !”.
وأضافت، “ربما من الصعب القول إن لجائحة كورونا جانب إيجابي ولكن بالفعل لكل شيء بالحياة جانب سلبي وإيجابي يمكننا الاستفادة منا، هذه المجموعة تحاكي الجانب المفرح من كورونا جانب مضيء وربما استفاد الكل منه، البعض مثلا عاد لممارسة هواياته التي افتقدها منذ زمن كالرسم والنحت والعزف والطبخ البعض تحسنت علاقته بأسرته، توطدت العلاقات الأسرية وزادت عمقها واهتماماتهم ببعض أكثر… والكثير الكثير، وخوفنا على بعضنا أكثر”.
وعن لوحتها “عزف على أوتار كورونا”، أوضحت الفنانة مروة التومي، “أنها اسم لمجموعة أعمال متكاملة تحاكي الموسيقى في ظل جائحة كورونا، فالموسيقى حياة . استخدمت في رسوماتي عدة عازفين على الآلات موسيقية يرتدون الكمامات ويعزفون على الآلات مختلفة لدلالة رمزية أن الموسيقى حياة دوما حتى في ظل الجائحة هي منقذ الكثيرين ، الفن منقذنا دوما ”. المرأة والفنّ.. المحرك الأساسي في السؤال الثاني حول حضور المرأة في لوحات الفنانة مروة التومي، أكدت بقولها: “جدا.. المرأة هي دينمو الحياة، هي المحرك الأساسي للحياة، ولك أن تتخيّل، كيف ستكون الحياة بدوننا!!”.
وأشارت الفنانة، إلى أن “المرأة كيفما كانت مكانتها وكيفما كان وجودها بالحياة ومجهوداتها دائما تكون مؤثرة وملهمة للكثيرين، وستجد هذا بأعمالي واضحا.. نتفكر مرة صديق شاف لوحاتي قالي (كيف قادره تشوفي الجمال في المرا بعين المرا.. اللي هو شي نادر)”.
“المرأة ليها تأثير كبير على فني، المرأة أنا بلوحاتي، وكل امرأة مرة بحياتي فاجأتني وأبهرتني بقوتها وطموحها ووصولها جسدتها بلوحاتي، وكل مرة عشت معاها ضعفها وانكسارها وخوفها وتحررها ومحاولاتها ووصولها ، كل امرأة بالحياة ممكن تكون أنا، كل إمرأة بالحياة قادرة تكون قوية مستقلة حرة وقادرة بكل أحاسيسها ومشاعرها بكل قوتها وبكل عطائها توصل إلى شيء ليس له حدود”. “أنا متحيزة دوما للمرأة، ليس لضعفها واضطهادها وتعرضها للظلم والعنف فقط ، لأني أثق بها أثق بقدراتها وأثق بنفسي كامرأة، وفخورة جدا كوني امرأة، الحياة بالنسبة لي أنني حول النساء، النساء القويات، المناضلات والمتحررات والمكافحات ومن لهنّ دور كبير وفعال بالحياة وربما لا أعرفهم شخصيا، لكنهن موجودات بكل بيت وبكل عائلة وبكل مجتمع ناضلن وساهمن وغيرن وحاولن ودائما هن مصدر إلهام لي”.
وكشفت الفنانة مروة التومي في حديثها عن الفن والمرأة، “الأول اعتقدت أنني أستمد قوتي من النساء القويات والمكافحات والمناضلات، ولكن مع الوقت اكتشفت أنني استمدها أيضا من النساء الضعيفات والمقهورات والمعنفات أولئك فعلا الملهمات لي، لأنهن يمنحنني القوة لإكمال مسيرتي والوصول إلى هدفي وطموحاتي بالحياة”.
كل النساء أنا:
وعن سؤال 218، ما الذي تُضيفه لكِ اللوحة، الألوان، بعد الانتهاء من رسمها؟ تُجيب الفنانة مروة التومي: “القوة في كونك قادرا على التعبير عن نفسك دون خوف أو قيود أو قوانين.. السعادة الفرح الإنجاز، أجد نفسي خفيفة كنت مثقلة بالأفكار أو ربما حزينة بمجرد انتهائي لها وتنتهي معها كل المشاعر السيئة.. كل مشاعري أسكبها على ورق أو الكانفس وأخلطها بألوان وتتلاشى وأرتاح بعدها ويبدو كل شيء أفضل هذا ما تمنحه لي لوحاتي بعد الانتهاء منها”.
مفهوم الفن عند مروة التومي:
تحدثت الفنانة عن الأسماء القريبة منها في عالم الفن التشكيلي في ليبيا وخارجها، ووصفتهم بالكثيرين: “الحقيقة الكثيرين.. من خارج ليبيا الكثيرين وحتى عالميين بالنسبة لليبيا الفنان يوسف فطيس تشدني هلبة أعماله وتمسني، أجد نفسي فيها وحتى خلود الزوي”. وعن مفهوم الفن بالنسبة للفنانة مروة التومي، أوضحت أن “الفنون زي الرسم والتصوير والنحت والموسيقي والرقص والطبخ إلخ ، هذه الفنون كلها ترتبط بمفهوم الجمال والحس المرهف اللازم لتذوقها تحرك لك مشاعرك توصلك فكرة تعبر عنك أو عن غيرك مش مهم، مهم إنك ترسم مهم إنك تعبر عن نفسك”.
وأضافت مروة التومي: “شوف ما نحب نكون شخص نمطي وتقليدي ونقولك الفن رسالة، الفن مش شرط يكون رسالة، الفن حياة، الفن متعة، الفن فكرة ومشاعر وأحاسيس مفروض إنها تمس الناس تهز مشاعرهم وتعبث بأفكارهم وعقولهم، الفن جمال وكلنا نحب نشوفوا الجمال، الفن للفن للناس اللي يحبوا الحياة ويستمتعون بيها ويتذوقوا فنونها”. وتابعت الفنانة التشكيلية، حديثها عن مفهوم الفن، ” اتذكر اوقات بعد ننتهي من رسم لوحة واضعها عالسوشيل ميديا يكتبوا لي أشخاص عالخاص ” لوحتك مستني هلبة وولمستني وكانك عبرتي عليا وعلى اللي بداخلي ” مش مهم تقدم رسالة بحياتك، مهم تقدم شيء، فن يمسّ الناس ويتأثروا بيه يعيشوه ويحبوه وممكن يمسهم ويعبر عليهم ، والاهم من هذا يستمتعوا بيه يحبوه ويتذوقوه “.
وعن تجربتها، كشفت “عن نفسي لا أمارس الفن لإيصال رسالة ما ، ولا أطمح لهذا ! (رغم إني أوقات أفعل هذا بس دون قصد ولا شعوريا) أنا امارس في حريتي من خلال الفن نسمعك صوتي .. ونوصلك أحاسيسي ومشاعري اللي لا شعوريا نصبها أو نترجمها بلوحة تمسني وتمسك ”. “إنت مش مضطر تعيش بش توصل رسالتك للعالم ، إنت لازم تعيش وقادر تعبر عن نفسك بكل حرية، أساسا مش مضطر تحمل رسالة وتدافع عليها وتحارب لأجلها انت لازم تعبر عن نفسك بأي طريقة تشوفها مناسبة لك، بس إنت مضطر ولازم تعيش زي ماتبي وغصبا عن الكل تمارس حريتك وتفعل ما تشاء. !! …. توصل صوتك !! توصل رسالتك !! ……… هذا شي يرجعلك”.
لوحة ليبيا والهروب:
عند طرح 218 سؤال عن اللوحة التي ترغب الفنانة مروة التومي في رسمها أو فكرتها ما زالت في العقل، أجابت الفنانة، “مروة ربما!! دائما أفكر في رسم نفسي! أرسم نفسي كثيرا ولكن ولا مرة وصلت الرضا التام عن نفسي، ربما هذا دافع مني وإصرار وتحفيز لاستمرار تطوير نفسي والبحث فيها وربما فهمها أكثر
الكل يطمح لإظهار نفسه بأجمل صورة هو راض عنها، مروة كذلك تطمح لإظهار نفسها بصورة تكون راضية فيها عن نفسها وتعبر عن ذاتها”.
أما عن السؤال القادم، عن اللوحة التي تختصر ليبيا وأحلام مروة التومي في آنٍ معًا، وكيف ستكون، أجابت الفنانة: “سيكون عنوانها الهروب”.
الطب أم الفن
في سؤال 218 الأخير للفنانة التشكيلية مروة التومي، عن أيهما أهمّ بالنسبة لها، الطب أم الفن، أوضحت:
“من أصعب الأسئلة التي تواجهني دائما بالنسبة لي الاثنان مهمان ويكملوني لا يمكنني أن أكون بدونهما، الطب فن أيضا”. وأضافت الفنانة، “تخيل معي يومي مثلا لا يمكن أن يكون يومي رائع إلا إذا استيقظت صباحا وذهبت للعمل وقمت بمساعدة من يحتاج لمساعدتي لا يمكن أن يكون يومي مميزا بدون أن أخيط جرحا أو أُداوي جرحا أو أخفف ألمًا.. ولن يكتمل يومي إلا بعودتي لمخبئي ورسمي لأفكار تكونت بذهني ومواقف ومشاعر عشتها ربما أعود سريعا لأرسمها وأسكبها على ورق وقد أُجسّدها بلوحة.. لا يمكن أن ينتهي يومي بدونهما، الطب فن”.