“العيديّة العكسية”.. عادة ليبية صمدت في “السنوات العجاف”
218TV.net خاص
أحلام المهدي
مفردة “العيدية” معروفة لدى معظم الشعوب مع اختلاف أعيادها المستقاة من دياناتها وأعراقها، وهي في الغالب نقود أو هدايا عينية تُقدّم للأطفال دون غيرهم، فالطفل هو من يستجدي فرحة العيد التي ترتسم على محياه، مع كل قطعة نقودٍ أو حلوى يحصل عليها، لكن خصوصية المجتمع الليبي استحدثت عادة سنّتها طبيعة المجتمع الذي تستمر العلاقة فيه بين الأجيال المتعاقبة في الأسرة الواحدة، فنجد الأحفاد أكثر ارتباطا بأجدادهم حتى من آبائهم وأمهاتهم، لذلك فقد صار الأبناء والأحفاد هم من يقدمون العيدية، بعد أن كانت تُقدّم إليهم.
ولأن العيد مساحة لإظهار كل المشاعر والقيم الإنسانية الجميلة، فإن الجميع يراها فرصةً لتقديم الحب والتقدير في صورة “عيدية”، تحظى بها الجدات دون غيرهن والجدود، حتى أن من يكون عدد أحفاده أو أبنائه كبيرا، سوف لن يضطر لشراء الملابس أو أي شيء آخر إلى الأبد، ذلك لأن ما سيحصل عليه أحدهم من هدايا في كل عيدٍ ومن كل أبنائه وأحفاده، سيكفيه لبقية حياته، وهناك من يحاول اقتناص فرصة العيد، ليقدم الهدايا والعيديات لكل من يحتاجها معنويا وعاطفيا، قبل أن يحتاجها ماديّا.
ورغم الظروف الاقتصادية والمالية القاهرة التي تُكبل الجميع، فإن الأيادي المعطاءة لا تعيقها الظروف، ولن تمنعها من فعل ما اعتادت عليه كل عام، فقد يفرط حفيدٌ في حقه في الحصول على ملابس جديدة، لكن شيئا لن يمنعه من أن يشتري لجدته “رداء” أو “فستانا”، وفي أسوأ الظروف وأقساها قد يُحضِر لها بعض الحناء والبخور، ليحظى منها بدعوات صادقة وأمنيات من القلب، تعطيه من السعادة ما قد تعجز عن إعطائه الملابسُ الجديدة التي قد يكون تنازل عنها في المُقابل.