العمر رقم والفرصة غنيمة
سارة دراوشة
من قال إن الثراء يرتبط بالعمر أو عدد ساعات العمل أو حتى بكمية العرق الذي يتصبب من الجسد المنهك .. هناك دراسات كثيرة أثبتت أن الجهد الجسدي أو زيادة عدد ساعات العمل ليس سبيلا لتحقيق ثروة كبيرة، فيما يعتمد الأمر كليا على الجهد العقلي بالإضافة الى اغتنام الفرصة الحقيقية التي تسمى “بفرصة العمر” وقد تأتي لكل إنسان بطرق عدّة، وتختلف طريقة إتيانها.. إلا أن كثيرين منّا للاسف لم يقتنصوا هذه الفرصة بالشكل الصحيح ومنهم من استطاع أن يرسم مسيرة حياة كاملة مكللة بالنجاح والتفوق. ولو طالعنا سيرة أثرياء العالم سنجدهم بدءوا من فكرة صغيرة في الذهن انتقلت إلى الورق حتى أصبحت حديث العالم هي وصاحبها.. وأغلبهم تفوقوا وهم يافعون في العمر ومنهم من وصل سن الشيخوخة.
ولعل أبرز الأسماء اللامعة التي وضعت بصمة حقيقية قربت العالم كله بكبسة زر، مارك زكربيرغ مؤسس شركة فيسبوك إذ لم يتعدَّ عمره وقتها التاسعة عشر من السنوات ، وحصل على لقب الملياردير في ال23 من عمره، وقد بدأ مسيرته بفكرة جعلت زملاءه في الجامعة على اختيار الصفوف الخاصة بهم ثم طورها لبرنامج ترفيهي لمقارنة صور الطلبة والتصويت عليها إلى أن أصبحت فكرته اليوم مثل بساط علاء الدين السحري يأخذنا إلى أي مكان بالعالم، ومن بقعة أخرى على وجه الأرض استطاع شاب في الثلاثين من عمره يدعى جيف بيزوس أن يطور فكرة الحمام الزاجل إلى سحاب الكترونية تجارية ترسل البضائع لأي منطقة على البسيطة عن طريق موقع الكتروني يسهل للأفراد شراء ما يريدونه وهم في بيوتهم، ومن بلد آخر تماما.. وخلال هذه المسيرة المهنية التي طورها بيزوس من اجتهاده وتطوير عمله حصل على لقب أغنى رجل في العالم وهو في أوائل الخمسينيات من عمره، وعلى الأرجح هي قفزة ليست عادية من رجل لم ينحدر من سلالة الملوك أو عائلات الأثرياء بل هي دليل على قوته العقلية لإنجاب ما يحتاجه العالم من وسائل لتسهيل مشاق السفر الباهظة والمتعبة.
ولعل أبرز القصص التي تمثل خير دليل على أن العمر مجرد رقم، وأن الثراء لا يعرف صغيرا أو كبيرا بل يحتاج إصرارا ومثابرة هي قصة الرجل الضحوك ذي اللحية البيضاء والذي تملأ صوره وشعاراته أغلب الإعلانات التلفزيونية والمجلات والطرق والذي ترعرع في أسرة معدومة الحال، وكان يعول أسرته بعد وفاة والده وواجه من المشقة والفشل ما لايحسد عليه، ومع هذا أكمل دراسته وتخصص في قسم المحاماة وعمل إلى جانب دراسته ولم يترك عملا إلا وعمل به.. ولم يكن يعلم بعد كولونيل ساندرز صاحب سلسلة مطاعم كنتاكي الشهيرة ذو ال65 عاما أن خلطته الخاصة التي يضعها على الدجاج هي قبلته الوحيدة لاعتناق الثراء، تتعدد الأسماء التي لمعت بإنجازاتها إلا أن نهجهم واحدا وهو أنهم عرفوا كيف يغتنمون الفرصة.