الصديق الكبير.. المُخالف للقانون
خاص | 218
قبل 8 أعوام عين المجلس الانتقالي مجلس إدارة جديدا لمصرف ليبيا المركزي برئاسة الصديق الكبير رفقة علي الحبري وامراجع غيت بالإضافة إلى محمد المقريف وعبد الرحمن هابيل وحمودة الأسود ومحمد المختار وذلك وفقا لأحكام قانون المصارف رقم (1) الصادر عام 2005 والمعدل بالقانون 46 للعام 2012.
وتنص المادة رقم (17) في القانون على أن يتولى مجلس الإدارة المهمة لمدة 5 أعوام وهو ما ينطبق على مجلس إدارة المصرف بقيادة الكبير الذي تولى المهمة يوم الـ25 من سبتمبر من عام 2011 ومن المفترض أن تنتهي ولايته يوم 26-9-2016 أو ما يستجد من قرارات صادرة عن الجهة التشريعية في ليبيا، وهو ماحدث فعلا في شهر سبتمبر من العام 2014 بقرار مجلس النواب المنتخب في العام ذاته بعد أن أصدر قرارا يقضي بإقالة المحافظ الصديق الكبير وتعيين علي الحبري رئيسا للمصرف إلا أن الكبير القابع في طرابلس رفض تسليم المنصب لنائبه وقتها، وفرض على المصرف انقسام مجلس الإدارة بسبب عدم تسليمه المنصب للحبري، وبعد مرور 5 أعوام على إقالة مجلس الإدارة للمصرف بقيادة الصديق الكبير و3 أعوام على انتهاء ولايته التي لم تجدد يصبح الكبير “مغتصبا لسطلة السيادة النقدية” في ليبيا بحسب قانون المصارف.
في عام 2017 عيّن مجلس النواب المصرفي محمد الشكري محافظا لمصرف ليبيا المركزي إلا أنه لم يتسلم منصبه بحكم تعنت الصديق الكبير، وسط غزل واضح من حكومة الوفاق بقيادة فائز السراج ورئيس المجلس الأعلى للدولة السابق عبد الرحمن السويحلي.
هذه التعيينات جاءت في وقت حساس عاش فيه الدينار تراجعا كبيرا على مستوى قيمته التي وصلت إلى نحو 7 أضعاف بالمقارنة مع سعره الرسمي في المصرف المركزي عند 1.38 دينار مقابل كل دولار في الفترة ما بعد انطلاق عملية فجر ليبيا سنة 2014، متاثرا بانقسام مجلس الإدارة والأزمة السياسة التي انقسمت على إثرها أغلب مؤسسات الدولة التي وصلت حدتها في عام 2017 وكان هو العام الأول للكبير الذي مارس فيه مهامه خارج نطاق القانون.
الموقف الدولي
في فبراير من عام 2016 قال بيتر ميليت السفير البريطاني في ليبيا وقتها أمام مجلس العموم البريطاني إن محافظ المصرف المركزي في طرابلس الصديق الكبير يغذي الجماعات المسلحة في طرابلس بالمرتبات، وهو ما أسهم في مد عمرها وتشجيع الشباب العاطلين عن العمل للانظمام لهذه التشكيلات، بعد حديث ميليت بثلاث سنوات ومتابعة دقيقة من المجتمع الدولي لتحركات عمل الصديق الكبير محافظ المصرف في طرابلس قررت المفوضية الأوروبية في فبراير الماضي إضافة ليبيا إلى القائمة السوداء في ملف غسيل الأموال، حيث ضمت القائمة إلى جانب ليبيا 23 دولة بينها العراق واليمن وإيران وباكستان وبنما. وشدد الاتحاد الأوروبي على أهمية مراجعة وفحص المدفوعات المتعلقة بالمؤسسات الليبية باعتبارها من ضمن القائمة السوداء، وكانت اللجنة الوطنية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في ليبيا قد اعتمدت في أكتوبر من عام 2018 الخطة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة غسيل الأموال برئاسة محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير.
ديوان المحاسبة والمصرف المركزي
رصد الديوان في تقاريره السابقة التي تجاوزت عدد صفحاتها أكثر من 3 آلاف ورقة خلال الفترة ما بين 2012 و2017، عددا من المخالفات المالية والإدارية في عمل المصرف المركزي بقيادة الصديق الكبير، وكان يطالب كل مرة الديوان بالتوجه أكثر لتطبيق معايير الحوكمة والشفافية تفاديا للمخالفات من بينها غسيل الأموال خاصة أن الكبير يترأس منصب المحافظ ورئيس اللجنة الوطنية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، إلى جانب ملاحظات عدم انعقاد مجلس الإدارة المتضرر من عملية الانقسام بالإضافة إلى ملاحظات على شبهات عمليات فساد بملايين الدولارات فيما يخص الاعتمادات المستندية، ما أثر على قيمة الدينار إلى جانب ارتفاع أسعار السلع وتحقيق مكاسب بالملايين لبعض الأفراد.
المراجعة الدولية
كل المعطيات السابقة دفعت المجلس الرئاسي بقيادة فائز السراج لدعوة المجتمع الدولي للبدء بمراجعة أعمال المصرف المركزي بقطبيه في طرابلس والبيضاء وتابعت 218 تحركات البعثة الأممية في ليبيا منذ بداية تداول ملف المراجعه الدولية.
وكانت “218” قد علمت في وقت سابق أنه قد تم اختيار مسؤول فريق طباعة العملة في مركزي البيضاء علي الجهاني عضوا في اللجنة، فيما رشح للعضوية الثانية اقتصادي أميركي تبيّن في وقت لاحق أنه المستشار الاقتصادي للبعثة روبرت ووكر، بينما لم يحسم المصرف المركزي في طرابلس أمره حتى الآن بخصوص اختيار ممثله في اللجنة وسط توصيات مشددة بضرورة توحيد أعمال المركزي.
مراقبون للشأن الاقتصادي والمالي في ليبيا يتابعون باهتمام مدى إمكانية تطبيق القانون بسبب تعدي الصديق الكبير على المادة السابعة عشر من قانون المصارف التي خالفها بالاستمرار في منصبه صحبة مجلس الإدارة منتهي الولاية للعام الثالث على التوالي، في الوقت التي ينتظر فيه المحافظ المعين محمد الشكري استلام زمام قيادة المصرف كبيدل جاهز للصديق الكبير.
المركزي منذ أبريل 2019
رئيس قسم السيولة النقدية بمصرِف ليبيا المركزي البيضاء رمزي الآغا كشف عن وصول طائرة خاصة إلى مطار مصراتة وعلى متنها عدد من الموظفين التابعين لمصرف ليبيا المركزي طرابلس لنقل مبالغ مالية تقدر بـ100 مليون دولار أمريكي لإيداعها بقسم الإصدار مصراتة التابع للمركزي.
الآغا أشار إلى أن هذه الأموال مخصصة لوزارة الداخلية بحكومة الوفاق وقد تم خصمها بمقابل السعر الرسمي للدينار دون إضافة الرسم من حساب الوزارة بإدارة العمليات المصرفية.
وأوضح أن هذه المبالغ ستصرف لتغطية تكاليف الأسلحة ومرتبات الخبراء الأجانب المشاركين في العمليات العسكرية بناء على تعليمات من وزير الداخلية فتحي باشاغا، وبيّن الآغا أن استخدام عمليات التحويل والتحايل بالاعتمادات عن طريق المصارف أصبح أسلوباً مكشوفاً ويسهل تتبعه فاتجهت حكومة الوفاق لإحضار العملة نقدا إلى فرع المركزي مصراتة.
وفي وقت سابق قال الآغاء في تصريحات لـ218 إن المركزي أسهم في صرف 10 مليارات دينار لتغذية الجماعات المسلحة التابعة للمجلس الرئاسي، وهو ما يضاف لجملة المخالفات الإدارية والمالية للصديق الكبير الذي يعد خارج سلطة المصرف المركزي قانونيا صحبة مجلس الإدارة بحسب قانون المصارف للعام الثالث على التوالي.