الشيف بوراك.. كيف استطاع شاب تُركي خطف “بطون” الملايين؟
في عام 1924 تأسست شركة ملابس وأحذية رياضية في ألمانيا، وأشرف على هذه الشركة أخوان، حتى اضطر الأخوان أدولف ورودولف داسلر فض الشراكة واتجه كلاهما لشركته الخاصة.
أسس رودولف شركة وأسس أدولف شركة أخرى، وكان الأول أكثر مهارةً وجودةً في الابتكار والتصميم والتصنيع بمُنتجاته، بينما كان الثاني (أدولف) أكثر مهارةً في الاتصال والإقناع والتسويق لمنتجاته.
فكُتِبَ النجاحُ الأضخم للثاني صاحب التسويق الناجح، حتى أضحت شركته من أقوى شركات العالم واستطاعت أن تحتل السوق العالمية في تصنيع الملابس الرياضية وتحمل اسم “أديداس”.
بينما الثاني اكتفى بجزءٍ يسير من الحصة السوقية المحلية والعالمية عبر شركته “بوما”، وقدمت هذه القصة درساً قاسياً وجوهرياً في عالم الأعمال والتجارة، أن الجودة مهمة، لكن ستكون بضاعتك كاسدة دون تسويق ناجح.
وهنا، ثمّة شابٌ تركيّ يُدرك هذه الحقيقة ويعمل عليها ليل نهار، الكلام هنا عن الطباخ التركي بوراك صاحب الابتسامة الشهيرة، ومقاطع الفيديو السريعة، والوجبات المنمّقة بحركات مونتاج وإضافات تقنية بسيطة لكنها ذات مغزى قوي.
بوراك – بشهادة الكثيرين – لا يمتلك في تركيا أجود المطاعم، ولا يضع على الطاولة أزكى المأكولات، ولا يُعد أمهر الطباخين أو أشهاهم طعاماً، ولكن ثمة مهارة اكتسبها بوراك وتفوق بها على غيره، الكلامُ عن “التسويق”.
وحينما يُقال التسويق، فهنا لا يُقصد فقط الترويج الضخم الذي يقوم بها على منصات مواقع التواصل الاجتماعي لاسيما “انستغرام”، بل أشمل وأوسع من ذلك بما يتضمن طريقة تقديم الطعام إلى زبائنه من ألوان زاهية، وأطباق مزخرفة، وطريقة ترتيب مُلفتة.
يعمد بوراك إلى توثيق لحظات الطبخ بطريقة احترافية في المونتاج مع مقاطع فيديو قصيرة تناسب رواد مواقع التواصل سريعي الملل، ويعرف كيف يجذبهم.
يمتلك الشاب التركيّ ذو الأصول العربية كاريزما مع شخصية مبتسمة وواثقة من نفسها، ويعرف ماذا يقول.
أثبت بوراك نظرية أن الجودة بلا تسويق كأنك لم تفعل شيء، فكثير من المطاعم أفضل من مطعم “المدينة” الذي يمتلكه بوراك وعائلته في مدينة اسطنبول، ولكن كلمة السر تكمن في “الشهرة” التي صنعها الشاب “المُبتسم”.
يختصرُ بوراك على نفسه عناء التسويق المُكلف والقاسي، فيعمل بذكاء شديد، ويصل إلى عشرات ملايين العرب من خلال مشاهير الفن والموضة.
ذهب الشاب قبل أيام إلى لبنان وطرق منزل الفنانات نانسي عجرم، ومي حريري، ويارا، واللاتي يمتلكن عشرات الملايين على منصات مواقع التواصل، والتقط معهن الصور، فقمن بنشر هذه اللحظات عبر حساباتهن عبر مختلف المنصات، وهكذا ضرب ملايين العصافير بمجرد زيارة إلى لبنان.
لا يستطيع بوراك الوصول لكل هؤلاء من خلال حسابه القوي فقط، بل عرف إلى من يذهب، وماذا يفعل، وبذلك يقدم درساً كبيراً.
ينافسه في ذلك مواطنه التركي الشيف “نصرت” الشهير برشات الملح على طعامه.
نصرت لا يقل عنه ذكاءً وربما يتفوق في بعض التفاصيل، فالشيف التركي استطاع الوصول لمشاهير العالم مثل كريستيانو رونالدو، وليونيل ميسي، فرانك ريبيري، محمد صلاح، وغيرهم من نجوم الكرة، ويتابع هؤلاء مئات الملايين عبر مواقع التواصل من مختلف دول العالم، بل وصل الأمر إلى قيام “نصرت” بحضور حفل جائزة أفضل لاعب في العالم العام الماضي والتقط عشرات الصور مع مشاهير كرة القدم.
وهنا طبق بوراك ومواطنه “نصرت” سياسة الذكاء في العمل، وبأقل مجهود، وليس شرطاً أن تكون الأفضل، بل أن تكون الأمهر في التسويق.