“السنة الهجرية الجديدة”.. الأبيض المنثور على عتبات الأبواب
218tv.net خاص
أحلام المهدي
عندما كانت جدّتي ونساء قريتنا يقُلن “خشوش العام علي العام” لم أكن أعرف حتى ما هي المناسبة التي تحلّ بحلوله، كل ما أعرفه أن طعامنا ذلك اليوم يكون مع “القدّيد” وأكلة ليبية تعتمد على الشعير والبقوليات هي “الهريسة”، أو “السليقة” في بعض المناطق الليبية، إنها بداية “السنة الهجرية الجديدة”، إحدى الأعياد التي لازال الليبيون يحتفون بها رغم انحسار مظاهر هذا الاحتفاء في السنوات الأخيرة لعدة أسباب، إذ أن اللافت في هذا الأمر تحديدا هو أن الاحتفال ببداية السنة الهجرية كان في أوجه حتى عندما كانت البلاد “الرسمية” تهمل التاريخ الهجري وتتبنّى تاريخ وفاة الرسول الذي فُرض العمل به منذ العام “1979”، ما يعني أن اختفاء بعض مظاهر الاحتفال بهذه المناسبة لا علاقة له بالسلطة وما تفرضه من قوانين، بل هو استجابة لعوامل كثيرة غزت المجتمع الليبي وجرّدته من شيءٍ من هويّته.
طقوس كثيرة يمارسها الليبيون في هذه المناسبة، وبين الشرق والغرب تتعدّد وجوه الاحتفال باتساع الوطن الليبي، تتوحّد كلّها في استعمال “القدّيد” أو “القرقوش” كمشاركة من أضحية العام في الاحتفال، إذ يضعه البعض على “الكسكسي” الذي تحضر معه أسطورة “الفتّاشة” التي لا تحب أن تجد بطون الأطفال خاوية، بل تحب أن تجدها ممتلئة عن آخرها بالكسكسي، ويضعه البعض الآخر في “الهريسة” أو “السليقة” التي تبشّر بدوام النعمة في البيوت، نتوحّد أيضا في “التفاؤل” الذي يجسّده نثر الأبيض على عتبات الأبواب، تُبعِدنا بعض التفاصيل الصغيرة، لكن جدّاتنا أبدعن حقا في منح أيامنا مواسم للفرح، ليكون للاحتفال بها طعم الطفولة ورائحة الأمل في القادم الذي سيكون حتما أجمل.