الرويعي موسى يتحدث عن “الشعر” الذي لم يقله
في حوار خاص مع برنامج البلاد روى الشاعر الرويعي موسى الفاخري الكثير عن رؤاه حول الشعر والحياة والتعلم، وسرد الشاعر قصصاً حول تشكيله وطفولته، وبدايته في الشعر.
يكشف الرويعي أنه اهتم بالشعر منذ سن مبكرة، فقد نشأ في بيئة تهتم بنوع محدد من الشعر الشعبي، وكثيراً ما كان والده يستخدم أسلوب الرباعيات، فهو بحسب ما يروي كان يحفظ السيرة الهلالية عن ظهر قلب، والتي كان الشاعر يراها أسطورة في الشعر، ومن هنا بدأت هوايته بالشعر.
يحكي الرويعي أنه عندما صدر ديوان الشعر الشعبي عن جامعة قاريونس، شكل له نقلة كبيرة، ويتذكر: “اشتريته بدينار و5 قروش”، وكان من ضمن من فيه كثير من الشعراء الشعبيين المعروفين، مضيفا أنه كاد يحفظه عن ظهر قلب.
عند انتقاله إلى المرحلة الثانوية في البيضاء تعرف الرويعي على مدرسة الومضة في الشعر والأبيات القصيرة والعلم، ومن ثم انتقل إلى اجدابيا والتي لها مدرسة مدرسة مختلفة عن مدرسة منطقة الجبل الأخضر.
يعتبر الشاعر أن المشهد الشعري ليس ثابتا، يعلو ويخفت، ويضرب مثلاً بالجبل الأخضر، الذي نشطت فيه مدرسة قندولة في الثمانينات، وكان للشاعر الكبير ارحيم جبريل دور كبير في ذلك، وحسب رؤيته أن مدرسة اجدابيا لم يخفت فيها الشعر كثيراً، لكن الناس عموما بعد الحروب والأحداث الأخيرة في ليبيا ابتعدوا قليلاً عن الشعر.
ويرى الفاخري أن الاختلاف في الشعر بين المدارس في ليبيا ليس جوهرياً، فقط بعض المفردات المرتبطة باللهجات المناطقية، لكن الشعر في العموم يكون مفهوماً.
ويقول الفاخري: “من خلال تجوالي مع برنامج شاعر ليبيا في أنحاء ليبيا وسع مداركي في الشعر، على سبيل المثال كنت أسمع بالمرحوم ضو العساس الشاعر من الصيعان في صغري، لكن الآن عندما ذهبت مع البرنامج، نظرت إلى الأمر عن قرب، واختلف عندي الأمر”.
ويضيف أن نوعاً من الانصهار حدث في الشعر، وتمازجاً حصل بين المدارس، نتيجة التلاقح والتداخل بين الشعراء.
وعن النقد في الشعر الشعبي يصفه الرويعي بأنه حديث جداً، وأن النقد المنهجي لم توضع له الأسس، فتسميات بحور الشعر فيها نقص، وعلى سبيل المثال الاتفاق الوحيد هو على البحر الهلالي، بينما تختلف الأسماء بين مناطق ليبيا، مثل ضمة القشة، وبورجيلة، والمعيار الوحيد التذوق.
وأضاف أن الناقد يجب أن يكون ذواقا للشعر، وأن لا يخلط بين بحور الشعر، فضلاً عن وجود فكرة عن منهجية نقد الشعر الفصيح، لأنه يوضح الاستعارات والكنايات والتشبيه، وكل ذلك ينعكس على الشعر الشعبي.
يستبشر الفاخري بمستقبل الشعر، قائلاً إن التمازج يزيد من قوة الشعر، والاهتمام يزيد، وذلك واضح في مواقع التواصل الاجتماعي وذلك ينشر الشعر بشكل أكبر.
ويعتبر الشاعر أن اللغة العامية أقرب للوجدان الليبي، وسماع الشعر باللهجة العامية يكون أقرب للقلب من الفصيح، قائلاً إن هناك كلمات في العامية لا توجد مرادفات لها في الفصيح مستشهداً ببيت الشعر الذي يقول:
هوينهن اللي سفو الزمان انهال … عليهن وتمن م الخلا واجوابه
وعن توقفه لقرابة عقد ونصف يقول الرويعي إن الشاعر يتوقف عن الشعر لأسباب عديدة، فربما لا يجد له متسع من الوقت، لأن الشعر يحتاج إلى أجواء خاصة، وهناك من يتوقف عطاءه، وآخر يبحث عن طموح جديد يريد الوصول إليه.
ويضيف: “هذه الأسباب السابقة جميعها اجتمعت لدي، شعري القديم نسيته، لأنه ليس الشعر الذي أرغب فيه، وما أود قوله، لم أقله بعد”.
ينتقل الرويعي في حواره إلى عشقه لعلم الفيزياء، ويقول إن العلاقة بينها وبين الشعر هو الخيال.
يقول الفاخري: “سحرتني الفيزياء في مراحل مبكرة من عمري، في الصف الأول إعدادي كنت أنظر إلى الأرض أنها مركز الكون، وعندما تحدث المدرس عن الكواكب والكون، بدأت الاكتشاف، وبدأ حينها السحر بالنسبة لي، ومن ثم قرأت عن النظريات مثل نظرية آينشتاين، والثقوب السوداء، والنظرية الكمية، وغيرها من النظريات”.
يضيف: “الشعر خيال، والفيزياء حقيقة أغرب من الخيال، وجدت براح في خيالي، كونها حقيقة غير مقيدة بشيء “.
لا يفسر الشاعر شعره، لكن عند سؤاله عن خاتمة قصيدته الأخيرة والتي عاد بها إلى كتابة الشعر بعد توقف طويل، يروي قصة فيقول: “في مقولة شهيرة منسوبة للشاعر خالد رميلة عند سؤاله عن طول القصيدة فكان رده القصيدة مشوار حصان لا هي قصيرة لا هي طويلة، وأنا كان هذا مشواري في هذه القصيدة”.
ويؤكد أن الشعر سيبقى مهما كانت الظروف في البلاد، يقول الرويعي: “وضع ليبيا مهما كان سيء اليوم لا يقارن بما كان يجري في معتقل العقيلة على سبيل المثال، وقصيدة ما بي مرض غير دار العقيلة ظهرت في المعتقل، لم يطلب أحد من بوحويش أن يصمت، بل كانوا يتداوون بهذه القصيدة، ومهما كتب المؤروخون فلن يأتوا بصورة مماثلة، والشعر موجود في الكرب والرخاء”.