الحرب في (3) كتب.. توثيق لتاريخ الإنسان
خاص 218| خلود الفلاح
في هذا التقرير؛ نقدّم عددًا من الكتب تؤرّخ لـ”لعنة الحرب”، وكيف كانت الحرب شبحًا جاثمًا على القلوب، التي ربما وجدت في الكتابة فرصة للتعبير عن أحداث عاشت تفاصيلها القاسية وخسرت بسببها الكثير.
في هذه الكتب، حكايات عن ضحايا عانوا ويلات الحروب.
فتاة في حالة حرب
في هذه الرواية، تقدّم الروائية الكرواتية، سارة نوفيتش، (عام 1987) رؤيةً شاملة عن الحرب والندوب التي تخلفها في داخل كل إنسان.
تجري أحداث الرواية “فتاة في حالة حرب” في العاصمة الكرواتية زغرب، خلال تسعينات القرن الماضي، والتي شهدت حينها حربًا أهلية طاحنة.
“آنا” الشخصية الرئيسة، التي تعبر من خلالها كل تفاصيل الرواية،كانت تبلغ من العمر عشر سنوات، عندما اندلعت الحرب في يوغسلافيا العام 1991، تعيش مع والديها وشقيقتها الصغرى “أي راهيلا” في زغرب، وحتى بعد بدء الحرب لم تشعر “آنا” بالخوف بل كانت الحرب شيئًا مثيرًا في نظرها، وحتما ستنتهي قريبًا.
واكتشفت من خلال الملاجئ والغارات الجوية عوالم جديدة للمرح واللعب، كما وفرت لها مبررًا للتغيب عن المدرسة وقضاء وقت أطول للعب مع صديقها “لوقا”؛ ولكن بعد رؤية مشهد دفن والديها في حفرة في طريق العودة من ساراييفو على يد القوات الصربية، بعد تلك الحادثة تتحوّل “آنا” من طفلة عادية إلى طفلة مجندة تقوم بتعبئة مخزن البندقية بالطلقات وتفريغها منه بسرعة احترافية.
هذه الرواية، التي تُرجمت للعربية من خلال المترجم مالك أحمد عساف “سلسلة إبداعات عالمية ـ 2016″، تتناوب مشاهدها بين حياة “آنا” الطفلة قبل الحرب وأثناءها وحياتها كطالبة جامعية تعيش في مانهاتن بنيويورك، وعلى الرغم من أنها تبذل كل ما بوسعها لنسيان الماضي والتصالح مع المستقبل؛ إلا أنها تفشل في كل مرة في الهروب من ذكريات الحرب وحياتها في زغرب.
الطريق الطويل.. مذكرات صبي مجنّد
هذا الكتاب سيرة ذاتية للكاتب “إشمائيل بيه” (عام 1980)، طفولته في سيراليون أثناء الحرب الأهلية التي ضربت البلاد.
كتاب “الطريق الطويل.. يوميات صبي مجنّد” يعدّ من الكتب التي لا تستطيع أن تمنع نفسك من البكاء أثناء قراءتها. بتفاصيله المليئة بالقسوة والدمار وقطع رؤوس البشر والتلذذ برؤية الدماء. “إشمائيل بيه” الذي قال في بداية الكتاب: “كل أنواع القصص عن الحرب كانت تُروى، مما جعلها تبدو وكأنها تحدث بعيدًا، في أرض أخرى، ولم نبدأ في رؤية أنها تحدث بالفعل في بلادنا حتى بدأ اللاجئون يمرون في بلدتنا”.
هذا الكتاب الذي تُرجم إلى العربية، من خلال المترجمة سحر توفيق “دار الشروق 2009″، يعطي صورة واضحة عن تفاصيل الصراعات والنزاعات العرقية والأهلية والدينية في أفريقيا.
في سنّ الثانية عشرة؛ استطاع “إشمائيل بيه” ورفاقه الهرب من المتمردين لحظة الهجوم على قريته، وعند عودته للاطمئنان على أهله وجد الجميع قتلى.
وفي سنّ الثالثة عشرة؛ انضم إلى إحدى الكتائب المقاتلة وأصبح قناصًا ماهرًا، حتى أنقذته “اليونيسيف” من ساحات الحرب وهو في سنّ السادسة عشرة.
ينتقل “إشمائيل” إلى مركز تأهيل في كيسي تاون، حيث يتعرف إلى حياة أخرى مختلفة تمامًا، ويعود للعيش في كنف عمه لفترة، قبل ذهابه إلى الأمم المتحدة في مدينة نيويورك للتحدث حول الأطفال في سيراليون.
فتيان الزنك
في هذا الكتاب، توثق البيلاروسية سفيتلانا أليكسييفيتش، (عام 1948)، واحدة من أهم الحقب التي عاشها الاتحاد السوفيتي قبل انهياره عام 1991، إبان حرب أفغانستان (1979 – 1989)، بنقلها شهادات جنود أفرغوا ما في صدورهم من معاناة عاشوها أثناء تواجدهم في تلك الحرب، التي استمرت أكثر من تسعة أعوام، وبلغت الخسائر الإجمالية للسوفييت أكثر من 15 ألف قتيل ومئات الأسرى والمفقودين.
كتاب “فتيان الزنك” نُقل إلى العربية من خلال المترجم عبدالله حبه “دار ممدوح عدوان- 2016″، وقد أثارت من خلاله سفيتلانا أليكسييفيتش، (الحائزة على جائزة نوبل 2015)، أسئلة حسّاسة حول الحرب، من نحن؟ لماذا فعلنا ذلك؟ ولماذا حصل لنا ذلك؟ والأهم، لماذا صدّقنا ذلك كله؟ تعرّضت “سفيتلانا” للمحاكمة؛ بسبب نشرها هذا الكتاب.