الحب والرغبة الجنسية والعلاقات، عند سارتر (1)
عمر أبو القاسم الككلي
توم بتلر بودون*
قد يبدو سؤال لماذا الكائنات البشرية مأخوذة بالعلاقات؟. سؤالا واضحا.
كتاب جان بول سارتر العمدة “الوجود والعدم Being and Nothingness ” (1943) جعله واحدا من فلاسفة الحرية العظام الحديثين. وعلى الرغم من طوله والصعوبة الشديدة في قراءته، فإن غرضه كان الحفر عميقا للعثور على قلب وجودنا. رؤية أن الناس لا يمتلكون “جوهرا” أساسيا يعد نقطة مركزية في تفكير سارتر. في الواقع، حين يحلل البشر وجودَهم، فإن ما يجدونه في قلبه هو اللاشيء nothing. ومع ذلك فإن هذا العدم لهو شيء عظيم، طالما أن ذلك يعني أننا أحرار تماما في خلق الذات the self أو الحياة التي نرغبها. نحن أحرار على نحو سلبي، لأنه ما من شيء يوقفنا عن أن نكون أحرارا. المقتطف الشهير من الكتاب يقول “الإنسان محكوم بأن يكون حرا حاملا ثقل العالم بمجمله على كتفيه. إنه مسؤول على العالم وعلى نفسه بمقتضى وجوده”.
وعلى الرغم من هذه الحرية فإن إجابة سارتر على السؤال أعلاه تتمثل في أنه برغم أننا كأفراد كائنات واعية، فإننا أيضا نحتاج الآخرين كي يرونا و”يجعلونا واقعيين”. كي نشعر أننا كاملون علينا وصل “عدمنا” بـ “كينونة” الآخر.
يجب أن نكون مرغوبين
المشكلة أننا نحاول تحويل الواعين الأحرار الآخرين (الناس) إلى مواضيع objects، الذي هو أمر مستحيل. أفضل فرصنا في السعادة أو النجاح في العلاقات هو الاعتراف بحرية الآخرين والسماح بها، على الرغم من رغبتنا الطبيعية في “امتلاك”ـهم. يمكن لنا محاولة جعل الآخرين معتمدين علينا عاطفيا، أو ماديا، إلا أنه لا يمكننا امتلاك وعي الآخر. “إذا وقع تريستان وإسولد [شخصيتان من شخصيات الحب الأسطورية] في الحب بجنون بسبب جرعة من شراب الحب” يكتب سارتر “فسيكونان أقل اهتماما” لأن هذا الشراب حل محل وعييهما.
إننا لا نرغب في امتلاك الاشخاص باعتبارهم مواضيع، فحسب، وإنما حريتهم الواعية في أن يرغبونا أيضا. لا عهد ولا قسم يضاهي منح امرئ حريته الكاملة لشخص آخر عن طيب خاطر. ومثلما يعبر سارتر “المحب يرغب في أن يكون ‘كل العالم‘ بالنسبة إلى المحبوب”. بالنسبة إلى الشخص الآخر “يجب أن أكون الشخص الذي وظيفته جعل الشجر والماء موجودين”. يجب أن نمثل للآخرين الحدود النهائية لحريتهم، حيث يختارون طوعا عدم رؤية أبعد من ذلك. بالنسبة إلينا، نرغب أن يرانا الآخر ليس كموضوع، وإنما كشيء لا محدودية له :limitlessness لا يجب أن يستمر النظر إليَّ على أرضية العالم باعتباري ‘هذا this‘ ضمن ‘هذات thises‘ أخرى، وإنما العالم هو الذي يجب أن يتكشف من خلالي”.
العلاقات الرومانسية فعالة جدا، يقول سارتر، لأنها توصل حالة “عدم” شخص بكينونة شخص آخر. نحن نعتمد على الآخر ليجعلنا نوجد (وإلا فنحن حالة من العدم). ومع ذلك فنحن دوما في الحب غير آمنين، لأننا في أية لحظة يمكن أن نصير مجرد شيء بين أشياء أخرى عديدة- “هذا” بين “هذات”، بدلا من أن نكون مركز عالم الحبيب.
، مواليد 1967، كاتب أستراليTom Butler Bowdon *