“الحافلة” غادرت شوارع ليبيا.. لكن “القطار” لم يأت
218TV.net خاص
أحلام المهدي
ما إن يطل الصباح يوميا على مدى سنوات عدة، فإن الليبي كان يُباشر العادة الليبية اليومية، وهي حشر نفسه داخل الجسم البرتقالي المُمْتلئ انتظره لساعات طويلة، أسوة بجاره وإبن عمه وصديقه، وسائر الليبيين رجالا ونساء وأطفال، إذ كانت تنفرج أسارير الليبيين حين رؤيتها، وكانوا يتذمرون إن غابت، إذ حملت الحافلة في ليبيا الجميع في أحشائها من دون تذمر.
داخل الحافلة البرتقالية تمتزج الأحاديث بكل اللهجات، لتتحول إلى “فسيفساء ليبية” عنوانها “الوطن الواحد”، كان الداخل إليها يلقي التحية على الجميع، والخارج منها يفعل أيضا.
إنها “الحافلة”، هذه الرفاهية التي ظفر بها الليبيُّ يوما، هذا العالم المتحرك الذي كان كالشرايين التي تبث الحياة في جسد البلاد، لقد انقرضت أو تكاد، دون أن يزورنا “البديل المنتظَر”، لقد غادرت في غفلة من الزمن، غادرت بأنَفةٍ لأنها وإن لم تفعل فسيهجرها الجميع أصلا، لأن دروب هذا الوطن ما عادت تتّسع لها، بعد أن غزَتها أكوامُ الحديد المرصع بالموت، ولأن وقودها أمنٌ وأمان، انعدما في مرتع اللصوص والقتَلة وقُطّاع الطرق.