التناقضات السياسية تقصم ظهر القضية الليبية
كلما ازدادت حالة الاستقطاب حدة في ليبيا زادت كمية التناقضات معها، واليوم تناقض جديد يضاف إلى القائمة متمثلا في التوصيف بين ما يراه ويعتقده المبعوث الأممي غسان سلامة، وبين ما يعتقده أو صار يعتقده ويراه مؤخراً رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، وركيزة التناقض هي التشكيلات المسلحة التابعة للوفاق.
لقد بات جليا اليوم أن سلامة لا يرى في المسلحين ما يراه السراج، فهو يراهم “مليشيات” قوّضت عمل حكومة الوفاق وانتشرت واستفحلت منذ سنوات ويجب معالجة ما سماها الظاهرة التي تفشت.
ولا يبدو أن نظرة سلامة تجول في فلك فائز السراج فهو في كل محفل أو بيان أو ندوة عن الصحة والزراعة يثني على التشكيلات المسلحة ويصفها بأوصاف تُنْزِلها منزلة المجد والقمة، ولكم في كلمته أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة خير دليل، فهو اشتط في مدحها حتى كان مدحه مثار استغراب مجموعته نفسها.
تناقض واضح في رؤية السراج المتغيرة منذ الحرب، ونظرة المبعوث الأممي التي يعكسها في صورة تصريحات لا تقبل التفسير والتأويل والتبرير، بل تعكس اعترافاً صريحاً بمشكلة تمثل أم المشاكل، وجدارا يحول دون بناء الدولة، ويحرم الشعب طعم الراحة والهناء الذي تاق له منذ سنوات.
وحين يتحدث سلامة بهذه اللهجة، فإن المتوقع أن تصله سهام النقد من الوفاق ومجموعاته المسلحة، كما حدث في إحاطته أمام مجلس الأمن التي فجرت غضباً وأسالت حنقاً وعكست امتعاضاً.
هل سيتكرر المشهد من جديد؟ وهل سيكون سلامة تحت سهام النقد من الفصيل الموجود في طرابلس؟ أسئلة تفرض نفسها خصوصاً أن الوفاق يشعر مؤخراً أن المجتمع الدولي قد تخلى عنه ولم يعد يرى في الوفاق والصخيرات مرجعيات لا حياد عنها.