التاجوري يُسيّر أعمال مصرف لساعة متأخرة من الليل
خاص218
تناقلت صفحات التواصل الاجتماعي مساء أمس صوراً يَظهر فيها آمر كتيبة ثوار طرابلس “هيثم التاجوري” أمام المصرف التجاري الوطني فرع ميدان الشهداء في العاصمة، يشرف بشكل شخصي على عملية صرف المستحقات المالية للمواطنين أصحاب الحسابات في هذا المصرف.
وذكرت مصادر لـ218 أن “التاجوري” بحكم سلطته النافذة في العاصمة، أجبر إدارة وموظفي المصرف على العمل طيلة ساعات المساء وإلى وقت متأخرمن الليلة الماضية .
واشارت نفس المصادر أن التاجوري، لم يغادر المكان طوال الوقت الذي كانت فيه أبواب المصرف مفتوحة أمام زبائنه، ويتولى بين الحين والآخر الوقوف على آلية عمل الصرّافين وطريقة تعاملهم مع المواطنين، مبدياً الملاحظات وموجهاً التعليمات، وموبخاً المقصرين، داعياً إلى مضاعفة المجهود لتسريع عجلة العمل، لضمان راحة المواطن.
وأثار هذا الموقف الذي وصفه البعض بـ”الشهامة”، موجة عارمة من ردود الفعل في صفحات التواصل الاجتماعي بين مؤيد ورافض، فيما علّق آخرون بشيء من السخرية.
وذهبت آراء بعض المراقبين إلى أنّ خروج “هيثم التاجوري” بهذه الطريقة وإقدامه على هذا الفعل الذي يُعد في كل الأحوال إجراء مخالفا للقوانين والتشريعات والصلاحيات أيضاً، قد جاء استفزازاً وإحراجاً متعمّداً لوزير الداخلية المفوّض الذي يحاول منذ تسلّمه منصبه مؤخرا، استعادة دفة السيطرة الأمنية لتكون في يد الأجهزة الأمنية الرسمية، في سياق تنفيذ خطة الترتيبات الأمنية، والتي تهدف ضمنياً وبشكل غير معلن إلى سحب البساط من تحت المجموعات والتشكيلات المسلحة، غير الشرعية في حقيقتها حتى وإن ادّعت انضواءها تحت مظلة الدولة.
فيما ذهبت آراء أخرى إلى إصباغ هذا العمل بصبغة الشهامة والوطنية والثأر لحقوق المواطن البسيط، الذي يعاني شح السيولة وضنك العيش، وإنّ نفاذ صبر آمر كتيبة ثوار طرابلس على سلبية المصارف الليبية وفسادها كان وراء إقدامه على هذا العمل، إلا أن ردوداً على هذه الآراء طرحها البعض في شكل تساؤلات لم تجد إجابة شافية تندرج تحت بند المنطق، إذ توجّه متابعون بعدة أسئلة مطالبين جوقة المدافعين عن التاجوري بردود مقنعة من بينها التساؤل الآتي:
“أين كان التاجوري وجماعته عندما افترشت نساء ليبيا الأرض لأيام في انتظار السيولة التي استنزفها أفراد الكتائب الأمنية المكلفون بتأمين المصارف؟
وفي هذا الخضم وسط ضجيج المؤيد والرافض والشامت، تُلّوح بعض العقول المتابعة بعيداً عن المؤثرات العاطفية أو الاصطفافات الجهوية وغيرها، بسؤال مهم غاب عن كثيرين مفاده: “هل يملك هذا المصرف آلة لطباعة العملة تم تشغيلها على مدار اليوم لتتمكن من تغطية الصكوك المقدمة من المواطنين؟ خصوصاً أن سقف السحب فاق قيمة الـ 500 دينار للصك الواحد.
من جانب آخر رفع إفادات أخرى أي شبهة قد تسيء إلى سمعة المصرف أو كتيبة ثوار طرابلس وآمرها، إذ ذكرت مصادر مقربة أن السيولة قد تم توفيرها عن طريق رجال أعمال تم الاتفاق معهم مسبقاً، وإن وجود التاجوري وأفراد الكتيبة كان بالتنسيق مع إدارة المصرف وعدد من التجار المتبرعين بهذه المبالغ لحل أزمة السيولة، وإن العملية برمتها تمت بعلم أجهزة الدولة في إطار الإسهام في حلحلة أزمة السيولة.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن هذه العملية كانت بمثابة تجربة ستلتئم في عدة مصارف أخرى وعلى مدى الأيام القادمة إن أثبتت جدواها، وشكّلت فرقا واضحا في سبيل حل أزمة السيولة، مع وجود خطوات أخرى تصبّ في نفس الاتجاه ستدعم كل منها الأخرى للخروج بأفضل نتائج.
وبشكل عام فإن المواطن البسيط لن يهمه كيف ومن ولماذا، وكل ما يشغل باله متى يتحصّل على جزء من حقوقه المالية وكم سيكون مقدار هذا الجزء، وإلى أي وقت سيمكنه الصمود أمام غلاء المعيشة وتدهور الوضع الاقتصادي.
إلّا أن سؤالاً يظل مطروحا في حال كانت هذه العملية بتصرف شخصي من قبل هيثم التاجوري، فهل ستشهد الأيام المقبلة ذات التصرف من آمري الكتائب والتشكيلات المسلحة التي تفرض سيطرتها في مناطق أخرى من طرابلس؟ وهل يا ترى سيكون التاجوري سبباً في انطلاق سباق محموم وتنافس عنيف بين قادة هذه الكتائب كنوع من التكفير عمّا بدر منهم من أذى في حق الليبيين، طوال السنوات الماضية، لبدء صفحة جديدة مع المواطن، ظناً أنّ ذلك سيمكّنهم من البقاء في المشهد ويحميهم من تيار الإصلاحات الذي بات يهدد نفوذهم ومصالحهم؟