الاستثمار الرياضي .. آثار جانبية لتاريخ الأندية الكبرى
إسماعيل كمال
قبل عقد من الزمن تحديداً من الآن كانت مسابقة دوري أبطال أوروبا تتنافس عليها الفرق الكبرى والتاريخية مع بعض المفاجآت العابرة التي كانت تحدث في كل موسم وآخر، أتذكر حينها وصول ليون الفرنسي إلى نصف نهائي نسخة 2010 في مفاجأة كبرى لكنه خسر نصف النهائي أمام عملاق ألمانيا بايرن ميونيخ فيما عبر إنتر ميلانو إلى نهائي السانتياغو برنابيو بعد المباراة الملحمة كما تسمى أمام برشلونة أفضل فريق في العالم حينها ليتوج باللقب أمام النادي البافاري.
الآن اختلف الأمر فنصف نهائي النسخة الحالية يتواجد في نصف النهائي بايرن ميونيخ من أندية التاريخ والعراقة فقط، فيما يكمل كل من ليون الفرنسي الذي سيواجهه في المربع الذهبي وباريس سان جيرمان ولايبزيغ الألماني باقي مربع الكبار في أوروبا خلال الموسم الحالي الذي تأثر كثيرا بسبب توقفات الدوريات الأوروبية بسبب فيروس كورونا.
في وقت سابق تحدث رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم السلوفيني ألكسندر تشيفيرين حول مستقبل أكبر مسابقة أوروبية على الإطلاق على صعيد الأندية “دوري الأبطال” حول التغيير الذي حصل في السنوات الـ10 الأخيرة ومستقبل المسابقة في الـ20 عام من الآن.
وجهة نظر الرئيس السلوفيني تحدثت عن فكرة الاستثمار في الأندية بميزانيات مخيفة ما دعا إلى تغيير قواعد اللعب المالي النظيف في السنوات الأخيرة لكن أندية كباريس سان جيرمان الذي كان قبل 10 أعوام سابقة يحتل المركز الـ13 في مسابقة الدوري الفرنسي وتُوج فقط بكأس فرنسا قبل أن تنتقل ملكيته إلى شركة قطر للاستثمارات الممولة من الدولة، ما فتح الباب أمام فرض الهيمنة المحلية والتتويج بالدوري الفرنسي 7 مرات في آخر 8 سنوات بكل سهولة، كما أن الفريق صرف أموالا باهظة لجلب النجوم من بينهم البرازيلي نيمار دا سيلفا والفرنسي كيليان مبابي والأرجنتيني ماورو إيكاردي والعديد من الأسماء اللامعة في كرة القدم العالمية.
الحديث نفسه ينطبق على نادي لايبزيغ الألماني الذي تأسس عام 2009 حين توج برشلونة بالسداسية التاريخية فبعد صناعة شركة “ريد بول” النمساوية للنادي الألماني في ظرف وجيز وفي بلد من الصعب أن تضع اسماً كروياً بارزاً أمام أندية تاريخية تمتلك كل المقومات للسيطرة على الألقاب وزيادة عدد مشجعيها .
هناك بعض المشجعين للأندية الكبرى تسخر أحياناً من افتقار أندية مثل باريس سان جيرمان إلى الإرث الكروي نظراً لأن النادي تأسس قبل 50 عاماً بالتحديد لكنه يعد أكثر خبرة ولمعاناً أمام لايبزيغ الذي يعد أكثر نادي مكروهاً بعدما تحايلت الشركة النمساوية المالكة له على القوانين في ألمانيا بتسجيل 49% من أسهم النادي باسم رئيس شركة “ريد بول” والـ51% باسم موظفي الشركة التي جعلت اسم النادي يبدأ بحرفيه الأولين “آر بي” أي ريد بول للتحايل على قواعد البوندسليغا بخصوص رعاية الشركات للأندية، هذا التحايل العلني في نظر متابعي الكرة الألمانية جعل من لايبزيغ أحد أكثر الأندية كرها بعدما وصل إلى منافسة الأندية التاريخية في السنوات الأخيرة وجعل الاستثمار الرياضي يتغير في ألمانيا بسرعة ما أوصل لايبزيغ إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا بعد إبرامه العديد من الصفقات الشابة الناجحة والتي أصبح يصدر منها إلى أقوى أندية القارة الأوروبية.
بعيداً عن باريس ولايبزيغ أصبح الاستثمار في أندية أوروبا ناجعاً حتى في إيطاليا التي تعد البلد الأصعب لصرف الأموال في أندية مرموقة، في المواسم الأخيرة أصبحت نهضة الأندية المتوسطة في بلاد البيتزا واضحة كأتالانتا وساسولو اللذين ينافسان أندية كبرى خلال الموسم.
الحقيقة التي أدركتها أن صناعة كرة القدم في أوروبا بدأت تتغير في فترات زمنية قصيرة وسريعة ومن المتوقع أن تظهر أندية حديثة العهد لتنافس في البطولات الكبرى لتكتب تاريخها كما فعلت الأندية الكبرى في حقب متعاقبة.