الإصلاحات الاقتصادية في ليبيا
رمزي الجدي
• ما هي الإصلاحات الاقتصادية التي اعتمدها المجلس الرئاسي؟
• من المستفيد من برنامج الإصلاح الاقتصادي ؟
• ما الذي سوف تحققه الإصلاحات على مستوى الدولة؟
• كيف سوف تؤثر هذه الإصلاحات على الحياة اليومية للمواطن؟
تابع المواطن الليبي يوم الأربعاء الموافق 12/سبتمبر/2018 بمشاعر ملؤها التفاؤل و الأمل اعتماد المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والخطوات التنفيذية لتحقيقه, لكن ما هي هذه الإصلاحات؟
تضمن هذا البرنامج, الذي سبق وأن اتفق بشأنه المجلس الرئاسي ومصرف ليبيا المركزي معالجة سعر صرف الدينار بفرض رسوم 300% على مبيعات النقد الأجنبي للأغراض التجارية والشخصية ومعالجة دعم المحروقات، وغيرها من الإجراءات, كما تم اعتماد الآليات المطلوبة لذلك و إجراء معالجة الآثار المترتبة على تنفيذ هذا البرنامج وتلي التوقيع صدور قرار من رئيس المجلس الرئاسي نص على التالي:
1. فرض رسم على مبيعات النقد الأجنبي للأغراض التجارية و الشخصية.
2. قيمة الرسوم المفروضة تحدد من قبل رئيس المجلس الرئاسي و محافظ البنك المركزي, و يصدر بقرار من المجلس الرئاسي.
3. تتولى المصارف التجارية تحصيل الرسم و توريدها لحساب مخصص لهذا الغرض.
4. تحدد أوجه التصرف في عائدات الرسوم بقرار من المجلس الرئاسي.
5. تشكيل لجنة فنية لمتابعة نتائج تطبيق القرار, و اقتراح المعالجات التي تراها.
6. يستثنى من من هذا القرار مخصص أرباب الأسر.
هذه الإصلاحات جاءت بناء على طلب من البنك الدولي لليبيا بتطبيق إصلاحات لتحقيق النمو وخلق فرص عمل، والمحافظة على التحسن الاقتصادي الذي بدأ في العام الماضي من تحسن أنتاج النفط و وصوله إلي معدل مليون برميل يوميا بعد ان شهدت ليبيا من سنة 2014 و حتى يومنا هذا أزمة سياسية حادة كادت تقضي على اقتصاد في البلاد المتردي أصلا منذ الإطاحة بنظام القذافي سنة 2011, وكان سبب هذه الأزمة انقسام سياسي عانت منه معظم المؤسسات التشريعية والتنفيذية في الدولة, من بينها المصرف المركزي بين إدارتين غربية في طرابلس وشرقية في البيضاء, و قد عمق تبعات إغلاق المواني النفطية من قبل مجموعة راديكالية ذات توجه قبلي هذه الأزمة, و اضر بالاقتصاد حيث انخفضت إيرادات الدولة من النفط إلي الصفر.
المستفيد من هذه الإصلاحات, هي حكومة الوفاق بالدرجة الأولى حيث ستحقق قفزة للأفضل، وستساهم في دعم الميزانية العامة بمبلغ 16 مليار دولار سوف تتوفر من خلال الرسوم المفروضة على سعر الصرف و من خلال الرفع الجزيء للدعم عن المحروقات، و تعتبر هذه الإصلاحات هي الأفضل في ظل الظروف التي تمر بها البلاد من بينها الانقسام السياسي وتعدد في الأجسام السيادية و تضخم بند المرتبات و تهريب الوقود و زيادة المصروفات و غياب الترشيد. حيث ان تنفيذ برنامج الإصلاح سوف يدعم الميزانية العامة من خلال فرض رسوم على سعر الصرف بمعدل 300%, و رفع الدعم الجزئي عن المحروقات.
سوف تحقق هذه الإصلاحات, دعم لحكومة الوفاق للوفاء بالتزاماتها المالية و من أهمها بند المرتبات الضخم, الذي يصل إلي أكثر من 27 مليار دينار سنوياً و الذي يعادل 20 مليار دولار سنوياً مما يجعله عبئ على ميزانية الدولة التي من المتوقع إن يصل أجمالي إيراداتها مع تحسن أسعار النفط إلي 24 مليار دولار سنوياً, و من خلال هذه الإصلاحات يمكن تحصيل مبلغ ال 27 مليار دينار من خلال تحصيل رسوم طرح 6.4 مليار دولار في المصارف, و بالتالي سوف توفر الدولة مبلغ 14 مليار دولار فقط من خلال تعديل سعر الصرف, و من المتوقع أن توفر الدولة مبلغ 2 مليار من خلال رفع الدعم الجزئي عن المحروقات.
تأثير هذه الإصلاحات على حياة المواطن, لن يكون كبيرا حيث ان الغلاء و انعدام السيولة و محاولة تخفيض و السوق الموازي للعملة الصعبة, سوف يتأقلم مع الوضع الجديد حيث إن عصابات الفساد داخل المصارف التجارية و ارتباطها المباشر بتجار العملة سوف يعيق إلية وصول النقد الأجنبي إلي المواطن البسيط حتى بالسعر المعدل و سوف يستمر احتكار السوق الموازي للنقد الأجنبي حيث سيكون هنالك فرق بين سعرين هو سعر منحة أرباب الأسر و سعر الصرف الجدي المضاف إليه رسم البيع المقرر, و بالتالي فان أسعار السعر لن تتغير بشكل كبير إنما سوف يزداد هامش الربح بالنسبة للتجار و كذلك حجم المال الفاسد لموظف المصرف التجاري.
لكي تكون هنالك إصلاحات تعمل على تحسين وضع المواطن على الحكومة و البنك المركزي أن تفكر في إصلاح حقيقي من خلال التالي:
1. تغيير المنظومة الإدارية للمصارف التجارية بالكامل و محاربة الفساد الذي أصبح متفشيا بين موظفي المصارف و الذي ضعف الثقة في الجهاز المصرفي من قبل المجتمع.
2. تخفيض مصروفات الحكومة، مع إلغاء كل الوظائف الوهمية من بعثات دبلوماسية في كل بلدان العالم والنظر في هيكلة أجهزة الدولة و تخفيض المرتبات و المصروفات الحكومية و المرتبات الضخمة للأجهزة التشريعية و التنفيذية للدولة.
3. إيقاف استيراد المواد غير الضرورية كالسيارات والحديد والإسمنت ومواد البناء, لمنع تكدس سلع مثل السيارات والحديد والإسمنت في السوق على صورة نقود عينية وليست نقود, كونها سلع بطيئة التحول إلى سيولة نقدية وتؤدي إلى تجميد السيولة في شكل بضائع غير مباعة.
4. تفعيل أدوات وزارة المالية والجهات الرسمية في تحصيل الضرائب والجمارك والرسوم الخاصة بالدولة وتوريدها إلى حساب الحكومة في البنك المركزي.
5. إيقاف مخصصات المدراء التنفيذيين وإيقاف دعم مرتبات ومزايا العاملين ومجالس الإدارة وتحميل تلك الوحدات مسئولية رواتب موظفيها.
6. إيجاد آلية فعالة لمراقبة المنافذ ومصادرة الأموال المهربة وتوريدها للبنك المركزي بدل ان أصبحت تورد لخزائن دول الجوار.
7. إعادة هيكلة الدولة وإعداد الملكات الوظيفية وإعداد جدول مرتبات لكل العاملين بالقطاع العام بما يحقق العدالة الاجتماعية، إضافة إلى إيجاد استراتيجيه تسهم في إشراك القطاع الخاص من خلال خروج الدولة من بعض المجالات وتركها للقطاع الخاص مع وضع الضوابط الرقابة والمتابعة.
اعتقد أن تنفيذ هذه الإصلاحات و الإصلاحات المماثلة قد أصبح ممكنا بعد الدعم الدولي الذي تحصلت عليه كل من حكومة الوفاق و البنك المركزي و المؤسسة الوطنية للنفط. و رغم كل ما سبق ندعم ما تم اعتماده من إصلاحات و نسال الله التوفيق و السداد لكل من يعمل من اجل رفع المعانة عن كاهل الموطن و إنعاش اقتصاد البلاد.
حفظ الله ليبيا
14/سبتمبر/2018