الأرتال العسكرية.. تحركات ميدانية برسائل سياسية
بات مشهد الأرتال العسكرية التي تتحرك في المناطق الليبية جيئة وذهاباً مشهداً مألوفاً ومتكرراً، خاصة في الآونة الأخيرة مع تصاعد التوتر الميداني على الأرض والحديث عن إعادة تشكيل الواقع السياسي بتحالفات قد تشهد ميلاد أو زوال تشكيلات مسلحة تتنافس على تثبيت نفوذها على الأرض، لتزداد التحركات العسكرية بشكل طردي مع ازدياد سخونة المشهد السياسي.
وتأتي تحركات الأرتال المسلحة المدججة بالأسلحة والتي تتعمد في الغالب المرور من الشوارع والأحياء الأكثر اكتظاظاً بالسكان، وإعادة التموضع في معسكرات في وسط العاصمة أو في محيطها كنوع من استعراض القوة وإرسال الرسائل الحازمة بالقدرة على إحداث التغيير الميداني في حال تجاوزها أو تهميش أدوارها، بالإضافة لاعتبارها الثابت الوحيد في أي تسوية تقضي بممارسة أي جسم سياسي مهامه الحكومية من العاصمة.
تحرك ظهر مؤخراً بشكل لافت مع اشتداد التوتر بين رئيسي الحكومتين المتنافستين الدبيبة وباشاغا ومحاولة بسط السيطرة ولو جزئياً على العاصمة طرابلس، حيث تبادلت التشكيلات المسلحة الموالية للطرفين استعراض قوتها العملياتية بأرتال مدججة في إطار استعراض القوة، أو التوزيع وإعادة الانتشار، ورغم تبعية كل هذه التشكيلات لهياكل رسمية إلا أن تحركاتها تخضع بشكل مباشر لآمريها الذين يرتبطون مع أجهزة الدولة ارتباطاً اسمياً.
ورغم ضخامة هذه التشكيلات ووفرة عتادها واستنادها في الغالب على حواضن مجتمعية وقبلية، إلا أن الوضع الأمني لم يشهد تحسناً بل استغلت جماعات الجريمة المنظمة والتنظيمات المتطرفة مساحات الفراغ بين مناطق النفوذ لتعزز تواجدها وانتشارها دون القدرة على مجابتها بشكل فعال، نتيجة غياب التنسيق أو تحاشي الصدام معها حفاظاً على المصالحة المتقاطعة مع بعضها، ليدفع المواطن الفاتورة الثقيلة لتشظي الوضع الأمني التي تجعله بجانب مرافق الدولة العامة والخاصة، عرضة للرصاص الطائش والمنفلت الذي يرافق استعراضات هذه التشكيلات وتحركاتها المحمومة وسط الأحياء المدنية.