استهداف الميناء القصة الكاملة.. بدءا بتضارب التصريحات وانتهاءً بالاعتراف التركي
استُهدِف ميناء طرابلس البحري بنحو 4 قذائف، صباح الثلاثاء الماضي وأظهرت صور تداولها سكان محليون على مواقع التواصل الاجتماعي تصاعدا كثيفا لأعمدة الدخان من مواقع الضربات، تلاه تحذيرات من المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، في مؤتمر صحفي من جنيف، من الخروقات المتكررة للهدنة المُعلنة بين طرفي القتال داعيا الأطراف الليبية لاحترام الهدنة والتعاون مع المجهودات الجارية لتحويلها إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وأعلنت القيادة العامة للجيش الوطني في وقت لاحق من الاستهداف، أنها وجهت ضربة عسكرية لمستودع أسلحة وذخيرة بميناء طرابلس بغية إضعاف الإمكانيات القتالية للمرتزقة الذين وصلوا من سوريا لدعم الجماعات المسلحة التي قالت إنها “متحالفة مع مقاتلي تنظيم داعش والقاعدة” حسب ماورد عن القيادة، وجاء في البيان الذي نشره المكتب الإعلامي، أنها أعطت أوامرها لتوجيه الضربة العسكرية نظراً للخروقات المتكررة وإطلاق النار من قبل “الجماعات الإرهابية التي خرجت عن سيطرة السراج” حسبما ورد في البيان، داعية العناصر التابعة للجماعات المدعومة من فائز السراج إلى الامتناع عن انتهاك وقف إطلاق النار والالتزام بمخرجات مؤتمر برلين، متوعدة بالرد على أي خروقات مؤكدة في الوقت ذاته ترحيبها بجميع المبادرات التي تهدف لإحلال السلام في البلاد، مشيرة إلى أن وحداتها العسكرية تحترم وقف إطلاق النار حسب الأوامر العسكرية الموجهة إليها.
وبعد الاستهداف قالت المؤسسة الوطنية للنفط إنه قد تم إخلاء كل ناقلات الوقود بشكل عاجل من ميناء طرابلس وإلغاء كل عمليات التفريغ، بعد سقوط القذائف قرب ناقلة محملة بغاز الطهي كانت تحت التفريغ بالميناء، موضحة في بيان، أن ناقلة الغاز وناقلة بنزين غادرتا ميناء طرابلس عقب الهجوم إلى المياه الآمنة، مبينة أنها تقوم بالبحث عن طرق بديلة لتزويد طرابلس والمناطق المحيطة بها بالوقود، في حين قال رئيس مجلس إدارة المؤسسة مصطفى صنع الله، في بيان، مساء الثلاثاء الماضي وعقب الاستهداف، “إن الهجوم الذي استهدف ميناء طرابلس اليوم كاد أن يؤدي إلى كارثة إنسانية وبيئية وسيكون له تأثير جسيم على المواطنين في طرابلس”، مدينا الحادثة، ومطالبا “المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لتجنّب تصعيد خطير في الصراع والسماح للمؤسسة الوطنية للنفط لإدارة الوقود بيسر”.
وصدرت الحكومة التركية نفسها في المشهد بتصريحات الناطق باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن الذي قال إن الهجوم على ميناء طرابلس تم بقصد التحرش، وتم الرد عليه بالمثل وأكثر على الفور، ليعقب تصريحاته إعلان شعبة الإعلام الحربي التابعة للقيادة العامة عن إسقاط طائرة تركية مسيرة بعد أن أقلعت من قاعدة معيتيقة العسكرية، موضحة أن منصات الدفاع الجوي استهدفت المسيرة وأسقطتها بعد أن حاولت استهداف تمركزات لوحدات الجيش في محاور جنوب العاصمة.
وأصدرت حكومة الوفاق بيانا عاجلا، اكتفت فيه بالقول إن “ثلاثة مدنيين قُتلوا وأُصيب خمسة آخرون” جراء القصف، ليتبعه بيان آخر لوزارة الداخلية تقدم فيه العزاء و”التضامن الكامل مع أسر الضحايا المدنيين الذي استشهدوا اليوم خلال استهداف (المشير خليفة) حفتر لميناء طرابلس”.
وناقض هذه الإفادات لوزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا وبيان الحكومة القيادي البارز في كتيبة النواصي محمد بودراع الملقب بـ”الصندوق” عبر إدراج على صفحته الشخصية في فيسبوك يبين حقيقة الأشخاص الذين تم استهدافهم في القصف الذي طال ميناء طرابلس أمس.
وقال الصندوق -خلال منشوره الذي قام بحذفه بعد وقت قصير من نشره على صفحته الشخصية- إن من سقطوا فعليا جراء القصف هم أفراد أمن وعسكريون، ووصف باشاغا بـ “وزير العازه” وهي لفظة محلية تشير إلى أن الشخص غير مؤهل للعمل المنوط به إلا أن العوز وفقد الرجال الحقيقيين وغيابهم عن المشهد هو ما جعله يتقلد هذا المنصب.
وانتقد الصندوق باشاغا بشدة واصفا إياه بــ”العدو” وليس المشير حفتر كما يقولون ويروجون عبر المنابر المختلفة مختتما إدراجه بثقته في عدم نصره مؤكدا بالقسم، حيث قال بالدارجة الليبية “والله ماك رابحها”.
في حين كشف مصدر مطلع لـ218 تفاصيل حصرية عن حقيقة ضحايا استهداف الجيش الوطني لميناء طرابلس الثلاثاء الماضي، مؤكداً سقوط 3 قتلى اثنين منهما ضابطين تركيين أحدهما ذو رتبة عالية، إضافة إلى مقاتل سوري، كانوا في ميناء طرابلس لحظة استهدافه.
وأضاف أن الجثامين الثلاثة وصلت إلى مطار معيتيقة في ساعات متأخرة من ليلة القصف تزامنا مع وجود رحلة لخطوط الأجنحة متجهة إلى تركيا، وبالتحديد نحو مطار إسطنبول الدولي.
وزادت الطريقة التي أُدخِلت بها الجثامين للمطار من الشكوك حول كونها تعود لشخصيات عسكرية، حيث بيّن المصدر أنها لم تدخل مطار معيتيقة عبر الإجراءات المتعارف عليها أو المنظومة الأمنية بل دخلت عبر البوابة B 9 وهي بوابة معروفة لمرور كبار الشخصيات والدبلوماسيين عند القدوم أو المغادرة عبر مطار، مشيرا إلى أنها دخلت بحراسة مشددة من قبل قوة تتبع لقوة الردع الخاصة.
وفي إشارة أخرى إلى الغموض الذي لاحق نقل الجثامين الثلاثة، تابع المصدر حديثه لـ218 قائلا إنه في ليلة القصف تم تأخير رحلة خطوط الأجنحة دون معرفة السبب في بادئ الأمر رغم إتمام كافة إجراءاتها، لكن سبب التأخير اتضح لاحقا، عندما تم تحميل الجثامين الذين قضوا في القصف والذي بسببه تم تأخير الرحلة المتجهة إلى إسطنبول حيث طلب من بعض الموظفين العاملين في المطار والمشرفين على هذه الرحلة مغادرة المطار.
وأضاف:” في البداية رفض قائد رحلة طائرة الأجنحة الانتظار وطلب إذن الإقلاع من المطار وهو ما لم يحصل. وبعد ضغوط من قبل أفراد يتبعون قوة الردع الخاصة انتظر قائد الرحلة إلى حين الانتهاء من تحميل الجثامين إلى الطائرة”.
وأكد إقرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمقتل جنود أتراك في ليبيا، كانوا يُقاتلون الجيش الوطني، بعد أسابيع من الجدل والصمت التركي حول حقيقة سقوط جنود موالين لأردوغان في ساحات القتال بليبيا ما أوردته 218 في وقت سابق عن مصادرها حول هوية القتلى.
وأضاف الرئيس التركي في كلمة ألقاها اليوم السبت، أن جنوده موجودون في ليبيا رفقة مقاتلين من الجيش الوطني السوري، لقتال قوات الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، خلافا لما كان قد صرح به سابقا بأنه أرسل مستشارين أتراك فقط، تقتصر مهامهم على تقديم الدعم اللوجستي في المعارك.
وقال أردوغان إن انسحابه من ليبيا وسوريا والبحر المتوسط سيُكلف بلاده ثمناً باهظاً في المُستقبل، مُعتبراً أن سياساته في البلدين ليست مغامرة ولا خياراً عبثياً.
وأشار الرئيس التركي إلى أن جنوده ومرتزقته الذين أرسلهم إلى ليبيا أوقعوا نحو 100 قتيل وجريح من قوات الجيش الوطني.
وأثار أردوغان الجدل عندما اعترف للمرة الأولى منذ تدخّله في الصراع الدائر في ليبيا، بوجود مرتزقة سوريين موالين له في ليبيا.
وجاء اعتراف الرئيس التركي في تصريحات أدلى بها، أمس الجمعة، للصحفيين في إسطنبول، رداً على تورّط تركيا بإرسال مرتزقة للقتال في ليبيا.