استقالة السراج بعيون أميركية.. ومخاوف من “صراع النفوذ” بطرابلس
خاص| 218
حلل الدكتور وليم لورانس، دبلوماسي كبير سابق وأستاذ محاضر في الجامعة الأميركية في واشنطن، في لقاء مع برنامج “USL” على قناة “NEWS 218″، بتفصيل أهم التطورات التي شهدتها الساحة الليبية مؤخرا.
وبشأن إعلان رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، بأنه ينوي الاستقالة قبل نهاية أكتوبر المقبل، قال لورانس إن هذه الخطوة قد تكون “حركةِ هروبٍ بارعة من قبله”، وإن السراج يقوم بمخاطرة كبيرة جدا، من خلال تركِ المشهد، ويمكن أن يتسبب في خلقِ فوضى كبيرة قبل التوصل إلى اتفاق فعلي، وهناك خطورة إذا تمكن المفسدون من تخريب الاتفاق قبل أو بعد التوقيع عليه.
وأشار لورانس إلى تقارير تفيد بأن السراج سيتولى تصريف الأعمال إلى أن يستقيل، وإذا كان الاتفاق في طور الإعداد فقد يتجه السراج للحفاظ على دور تصريف الأعمال بعد نهاية أكتوبر، حتى يتم تنظيمُ كل شيء بشكلٍ كامل، لافتا إلى أن الولايات المتحدة ارتاحت للعمل مع السراج في الفترة الماضية.
اتفاق مُرتقب
وحول الاجتماعات الجارية والمنتظرة والمأمول أن تُتوصل الأطراف المشاركة فيها إلى اتفاق يُنهي الاقتتال والانقسام ويُفضي إلى حكومة موحّدة، تخوّف لورانس من قيام بعض الشخصيات بتخريب الاتفاق قبل أو بعد التوقيع عليه، وقال “لا نعرف ما هي الضمانات الدولية لما سيلتزم به الطرفان المتصارعان في الاتفاق الأخير”.
وتساءل لورانس عن سبب اختيار مدينة سرت لتكون مقرا للجسم التنفيذي المقترح، لأن المدينة مسقط رأس القذافي، وتابع بأن الاتفاق الأخير قد يجعل الأمور أكثر خطورة لأنه غامض قليلا بالنسبة للداعمين والمتدخلين الدوليين الذين لم يكونوا مشمولين في الاتفاق بشكل كامل، وهذا قد يتسبب في مشاكل، وأوضح أن “السلام له عواقبه السلبية أيضا حيث سيثير التنافس من أجل السلطة السياسية والسيطرة العسكرية بشكل تلقائي يزعزع الاستقرار”.
صراع المجموعات المسلحة
وعن الاشتباكات التي وقعت مؤخرا بين بعض المجموعات المسلحة بالمنطقة الغربية، رأى الدكتور وليم لورانس، أن صراع هذه المجموعات للسيطرة على طرابلس كان دائما موجودا وبرز على السطح من جديد الآن، وما إن اختفى تهديد الجيش الوطني لطرابلس، فمن المحتّم أن يتجدد الصراع على النفوذ بين المجموعات المسلحة.
وقال لورانس إنه ليس بالضرورة أن يتحسن الوضع الأمني بل قد يزداد سوءا وأن من يتنافسون على السلطة والنفوذ والسيطرة سيعودون إلى التنافس، معتبرا أن صراعات المجموعات المسلحة فيما بينها هو متماثل في الشرق وفي الغرب، وكذلك الشقاقات بين السياسيين، مؤكد أن ليبيا لم تصل بعد إلى مرحلة الانقسام السياسي والأمني.
الوجود التركي في ليبيا
وأشار لورانس إلى أن الوجود التركي في ليبيا على المدى الطويل، إشكالية كبيرة لأوروبا وأميركا، وقال “عندما تكون لديك قاعدةٌ في بلد أجنبي، فغالبا ما يكون من الصعب التخلي عن ذلك الموقع المهم، وهذا صحيح بالنسبة لقواعد تركيا في ليبيا”، في إشارة منه بأن الوجود التركي في ليبيا سيطول، مبيناً أنه إلى حد ما قامت روسيا وتركيا بتصدير الصراع السوري إلى ليبيا.
واعتبر أن أردوغان يمارس مع الاتحاد الأوروبي “لعبة القط والفأر”، لكن تحدي الرئيس التركي للناتو وللدول المجاورة سيكون سيّئاً لأردوغان دوليا وجيدا له محليا، وتركيا هي التي تخسر في نهاية المطاف إذا تبنّت نهج القرن التاسع عشر أو الثامن عشر فيما يتعلق بالعلاقات الإقليمية.
الدور الروسي في ليبيا
وأكد الدبلوماسي الأميركي السابق، وليم لورانس، أن الولايات المتحدة ليست سعيدة عندما تنشرُ روسيا جنودا على الأرض في ليبيا، ومع ذلك لا تمانع عندما تقوم روسيا الوساطة، موضحا أن روسيا تواصل سياساتها السابقة بتقوية العلاقة مع أيّ طرفٍ يسيطر في ليبيا، وأن أي طرف يخرج منتصرا من الصراع الحالي فسيكون هناك مكوّنٌ روسي ثقيل في البلاد.
وأضاف لورانس أن المشير حفتر قدّم وعوداً للروس، بينما كان وزير الخارجية بحكومة الوفاق “الطاهر سيالة” يطمئن الروس بأنهم سيحصلون على مصالح معينة، في المقابل إدارة ترامب، ترى كل شيء من خلال عدسة المنافسة مع الصين وإيران، وبدرجة أقل من المنافسة مع روسيا.
ويعتقد لورانس أن مجموعة “فاغنر” الروسية، تسيطر الآن على المنشآت النفطية في ليبيا، وأن روسيا لها أهداف طويلة الأجل وترغب في استعادة هيمنتها السابقة، معتبرا أن وجود قاعدة روسية في ليبيا سيكون أمراً إشكاليّا للغاية، وأن وعودَ حفتر ومحاولة تقرّبِه من موسكو تتجاوز بعض الخطوط.
“عقيلة وحفتر”
وأشار لورانس إلى أن أطرافاً عدة تتحدث لعدة أشهر عن تهميش دور حفتر وإبراز دور عقيلة صالح، وأن البعض أبلغوا حفتر بأن عقيلة صالح هو من سيكون مسؤولا بشكل ما عن الجانب السياسي على الرغم من أنه لم يكن له دور مهم من قبل في قيادة العملية السياسة نيابة عن الحكومة الليبية.
ورأى لورانس أن الليبيين لا يرون أنفسهم في معسكر معيّن أو آخر ويخوضون هذه الصراعات، بل يُفضلون أن يكونوا لاعباً مستقلاً مُمولاً مِن ثروتهم النفطية الهائلة ويتعاملون مع العالم كله.
موقف أميركا
وقال الدبلوماسي الأميركي السابق، وليم لورانس، إنه لو بإمكان أميركا وضع حد لهذه الأدوار المزعزعة للمنطقة لفعلت ولكنها لا تستطيع، مضيفا أن الشاغل الرئيس للولايات المتحدة من الناحية الاستراتيجية ليس النفط وإنما مكافحة الإرهاب.
ولفت إلى أن الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة ستيفاني ويليامز، محل تقدير عالٍ من قبل حكومة الوفاق، وكانت قد توسطت في الصفقة بين المجموعات المسلحة في طرابلس والتي جلبت السلام إلى العاصمة في عامي 2018 و2019.
وأوضح لورانس أن الطريقة التي تعمل بها الحكومة الأميركية هي أن القرار في الشؤون الخارجية هو على مستوى مساعد وزير وعلى مستوى المبعوثين الخاصّين.