إننا نراوغ.. لا دولة مدنية هنا
آلاء الفرجاني
مع مرور الأيام؛ صارت الحروب المُتتالية تنهش رغبتنا بالسلام، وتنغّص ذاك الأمل المتواري في نفوسنا، وإن كان غدًا لناظره قريب؛ فإن غد السلام أصبح بعيدا.
وعُصارة تلك الحروب… انتهاك الحقوق الإنسانية، الخطف القسري والاحتجاز التعسفي، القمع، القتل، وأشياء أخرى كثيرة… تنتهي جميعها إما بالاختفاء الأبدي، أو جثة هامدة بلا رأس!
بات بصيص السلام أشبه بسراب كلما اتجهنا نحوه تلاشى، وأصبحت ليبيا التي لطالما حلمنا بسلامها، تُنتهك حرمة بيوتها، وتُؤخذُ نساؤها من شعورهنّ، للبعيد المجهول… ليس نساؤها فقط من لا يمتلكن حقوقًا، الجميع أضاع حقه هُنا.
بغتة… ودون أسباب تذكر، أو حتى أسباب يمكن للمنطق تصديقها.. اختطفت الشابة الليبية وصَال من كبد منزلها، وأمام أعين عائلتها في طرابلس تلك المدينة التي يخرج من يرأسها متشدقًا بالدولة المدنية، دولة الحريات والديموقراطية.
وصَال ليست الضحية الوحيدة أو الأولى فقد سبقها كثيرون.. لا تبريراتٍ ولا حتى بيان رسمي واحد أصدرته الجهات الأمنية هناك تزحزحت بهِ عن صمتها وأعربت عن أسفها وقلقها كما تُعرب عن سائر الجرائم والانتهاكات… ومع استمرار هذه الجرائم، واختفاء المختطفين وانقطاع كافة سبل الوصل بهم، وفتور ردود الفعل من الجهات المختصة، وضياع القضايا… لا يزال المجرمون أحراراً طلقاء ومجهولين.
الخطف… إنه ذاك الجرم المتمادي دون محكمة أو قانون أو رادع، في دولة لا تعترف بميثاق الحق الإنساني، ولا تكترث بالميثاق العالمي لهذه الحقوق، تقودها الصراعات والانقسامات، ولا يرأسها أحد، والقانون الوحيد المُطبق فيها عن ظهر قلب هو قانون الغابة.
إننا نعمل جميعًا ونسهمُ كلنا وإن كنا غافلين.. بهلاكها، بأن نحوّل حقل القمح فيها لحقل ألغام، نفسد أرضها وشعبها، نشعل فتيل حروبها، ومن ثمّ نريدها بردًا وسلامًا، وإن لم يتحقق ذلك؛ نجهر برغبتنا في الرحيل والهجرة.