إلدورادو… مدينة الذهب المفقودة
إلدورادو كلمة اسبانية ويقصد بها المذهب او الذهبي وهو الاسم الذي اطلق على احد الملوك في قبائل امريكا الجنوبية قديماً
إذ يقال أنه كان يغطي نفسه بغبار الذهب من رأسه الى أخمص قدميه كل صباح وكان ايضا يقوم بالاغتسال ونفض الذهب في بحيرة مقدسة كل مساء في احتفال ديني قرب سانتا في دي بوغوتا كولومبيا وذلك قرب مدينة أسطورية تدعى مانوا في أرض خرافية حيث يوجد بها الذهب والأحجار الكريمة بوفرة
تختلف الأسطورة في رواياتها وبالذات ما يختص منها بمدينة مانوا,حيث دفع حلم إلدورادو، أو مدينة الذهب المفقودة، الكثير من الرحالة الفاتحين للمكسيك وبيرو في القرن الثامن عشر إلى القيام برحلات محفوفة بالمخاطر في الغابات المطيرة وجبال أمريكا الجنوبية
فكانت مساعي أولئك الرحالة بدافع أمل العثور على ثروات، لم يكن “المذهّب” في واقع الأمر مكانا بل كان شخصا، حسبما أكدت البحوث الأثرية الأخيرة
ولكن عندما وصل كريستوفر كولومبوس إلى الأمريكتين عام 1492 بدء الفصل الأول من صراع الحضارات، الذي غير وجه العالم الثقافي وكانت تدور مواجهة شرسة تتعارض فيها طرق الحياة و واسس المعتقدات الدينية والروحانية, فالأسطورة التي انتشرت في اوروبا جعلت من إلدورادو مدينة مفقودة من الذهب تنتظر اكتشاف الرحالة المغامرين، وكانت ايضا تعكس تعطش الأوروبيين الغير المحدود للذهب، ورغبتهم الجامحة في اكتشاف هذه الأراضي الجديدة من أجل زيادة ثراواتهم
في السنوات الأخيرة قد تم تجميع القصة الحقيقية للأسطورة عن طريق مزج النصوص التاريخية و البحوث الأثرية الحديثة وتعتمد القصة على طقس يقوم به أناس يطلق عليهم مويسكا يعيشون في كولومبيا الوسطى من عام 800 إلى يومنا هذا
رودريغيز فريل كاتب القصص الاسباني الشهير كتب عن طقوس إلدورادو في من خلال كتاب “فتح واكتشاف مملكة غرناطة الجديدة” الذي نشر عام 1636 اخبرنا فيه بأنه بعد وفاة أحد القادة داخل مجتمع مويسكا اصبحت عملية اختيار خليفة “المذهّب” تنطوي على السرية حيث كان القائد يحيطه اربعة من كبار الكهنة يزينهم الريش والتيجان الذهبية إلى جانب زينة جسدية، وكان عاريا إلا من غبار الذهب، يقدم قربانا من القطع الذهبية والزمرد والقطع النفيسة الاخرى للالهة من خلال القاءها في البحيرة
حسب الرواية ايضا تحدث الكاتب عن شواطئ البحيرة المستديرة التي تمتلئ بالجمهور المتفرج الذي كان يحرص على وضع الزينات وعزف الموسيقى وكذا اشعال النيران التي كانت تحجب ضوء النهار من حوض هذه البحيرة. وكان أحد الكهنة يستخدم طوافة فوق سطح البحيرة الى ان يصل الى المنتصف بعدها يبدأ في القاء البخور رافعا علما لجذب انتباه الجمهور من اجل التزام الصمت. وتمثل هذه اللحظة وقت اذعان الحشود لقائدهم الجديد من خلال الهتاف بموافقتهم عليها من على شاطئ البحيرة
بعيداً عن ماجاء في كتاب رودريغيز فريل شعب مويسكا كان يؤمن حقاً بالقوة الروحانية, لهذا كان الذهب اكثر شئ طلبا لديهم نظرا لما يتمتع به من قوة روحية وعلاقته بالالهة وقدرتها على تحقق توازن وتناغم داخل المجتمع حسب معتقدات شعب مويسكا لهذا كان يقدم كقربانا للأله
ان طريقة تحول هذه القصة الى اسطورة لمدينة اسطورية للذهب تبرز الطبيعة المميزة التي كان يعتبر فيها الذهب مصدرا للثروة للرحالة الاوربيين الفاتحين الذين لم يتفهم كثيرا قيمته الحقيقية داخل مجتمع مويسكا
بل كانت العقول الاوروبية مبهورة فقط بالمقدار الذي يجب القائه من الذهب الى المياه العميقة للبحيرة، ودفنها في مواقع مقدسة اخرى حول كولومبيا كان هذه المواقع هي الشغل الشاغل للأوروبيين الطامعين
لذلك تحول خلال هذا الوقت اسم إلدورادر رمزا لكل مكان يمكن فيه اكتساب الثروة السريعة وهكذا تصاعدة وتيرة اعمال السلب والنهب في امريكا الجنوبية الغنية بالذهب والاحجار النفيسة
كشف مؤخراً عن كميات الذهب المنهوب من كولمبيا وباقي القارة حيث اظهرت النتائج ارقام تدعو الى الدهشة عن حجم النهب والسرقة التي حدثت خلال تواجد الاوروبين بالمنطقه خلال عقود
الدورادو كما كانت ملهم للكثير من الغزاة الطامعين في يزادة ثرواتهم كانت ايضا ملهمة للكثير من الكتاب والاداباء فكانت الاسطوره مصدر وحي لعدد غير محدود من الاعمال المسرحية والفنية حتى ان اسم الدورادو اعطي لمحافظة في كاليفورنيا ولمدن وبلدات عدة داخل الولايات المتحدة الامريكية