“إذاعة واتساب” .. ملاذ اللاجئين الروهينجا المتعطشين للأخبار
كوكس (رويترز) – جلس ممتاز الحق أحد أفراد الروهينجا المسلمين في متجر البقالة الذي يملكه عند سفح تل بمخيم للاجئين في بنجلادش في استراحة من عمله وراح يستمع لتسجيل صوتي على هاتفه المحمول بينما تحلق حوله أطفال وبعض المارة للاستماع لآخر الأنباء من ميانمار.
ويقول ممتاز الحق (30 عاما) وهو يشغل رسالة صوتية على واتساب يشرح المتكلم فيها مقترحات حكومة ميانمار لإعادة اللاجئين إلى قراهم “استمع لها لأني أحصل على بعض المعلومات عن وطني”.
ويعيش ممتاز الحق في بنجلادش منذ موجة سابقة من العنف في ولاية راخين بميانمار عام 1992 غير أن عدد اللاجئين ارتفع بشدة في الأسابيع الأخيرة ليتجاوز 800 ألف بعد عملية عسكرية واسعة شنها جيش ميانمار تسببت في فرار حوالي 600 ألف من الروهينجا إلى بنجلادش.
وقد وصل عشرات الآلاف من اللاجئين المرهقين ومعهم ما لا يزيد على جوال من الأرز وبضعة أوان وهاتف محمول يعمل ببطارية شمسية رخيصة وكثيرون منهم يتعطشون لأنباء عما يدور من أحداث في الوطن.
ولقلة المصادر الإخبارية بلغة اللاجئين الأصلية وتدني مستوى التعليم أصبحت الرسائل الصوتية ورسائل الفيديو عبر تطبيقات مثل واتساب وفيسبوك ويوتيوب بمثابة الإذاعة التي تنقل الأخبار للروهينجا المسلمين طائفة الأقلية في ميانمار.
وظهرت عشرات المجموعات على واتساب لسد هذا الفراغ في المعلومات. ويتنوع ما يتم بثه من خلال هذه المجموعات بين لقطات درجة وضوحها ضعيفة لأعمال عنف إلى قوائم بأسماء وأعداد المفقودين في فوضى النزوح أو حتى شرح من أحد المتعلمين من أفراد الروهينجا لكيفية التأقلم مع الحياة في المخيمات.
ثقة مطلقة
في متجر يبيع المشروبات الباردة بمخيم ليدا للاجئين أدار رجلان بث “أخبار واتساب” من خلال مكبر للصوت.
وروى رجل وهو يلهث مشهدا قيل إنه من قرية في منطقة بوتيداونج في ميانمار. وتولى الترجمة لرويترز لاجيء يدعي محمد زبير.
قال زبير مترجما ما يصدر من خلال مكبر الصوت ومستخدما لفظا شائعا في بنجلادش ويشير إلى البوذيين في ولاية راخين وينم عن ازدرائهم “إنهم يحاصرون القرية. نحن نتعرض للهجوم من الجيش و(البوذيين) … بعض الناس أصيبوا بجروح خطيرة”.
وقال زبير عن فحوى البث “أثق فيها ثقة مطلقة”.
ولم تتمكن رويترز من التحقق من صحة هذه الرواية.
وفي العادة تضم مجموعات واتساب مئات الأعضاء وهو ما يعني أن انتشار المعلومات يتوقف على من ينقلونها.
ولا يعرف كثيرون من المستمعين من هو صاحب الرسالة أو مدى الثقة في أمانة المتكلم. وقال البعض إن من الشائع تلقي تقارير قديمة أو غير دقيقة.
وقال لاجيء داخل مقهى في مخيم كوتوبالونج في بنجلادش “في بعض الحالات نتلقى رسائل صوتية عن قرى تحترق في ميانمار. وعندما نتصل بالناس في تلك القرى نكتشف أنه لا شيء يحدث”.
وقال لاجئون آخرون إن مشاهد بالفيديو لأعمال عنف قيل إنها صورت في قرى بميانمار ثم اتضح أنها مصورة في دول أخرى.
الاستماع وسط الظلام
يخشى كثيرون أيضا أن تكون طبيعة مجموعات واتساب التي لا تخضع لضوابط سببا في زيادة فرص الأصوات الحريصة على أهداف خاصة بدلا من مجرد نشر الحقائق.
فمن أنشط الجماعات استخداما لواتساب في نشر رسائلها جماعة جيش أراكان لإنقاذ الروهينجا (أرسا)، الذي أطلقت سلسلة هجماتها في 25 أغسطس آب شرارة الأزمة الأخيرة، وكذلك أنصارها.
وتهيمن على بعض المجموعات رسائل صوتية تحض على تقديم الدعم وتنقل أنباء أخر التحركات العسكرية وتتضمن بيانات صحفية رسمية.
وقال عدد من اللاجئين في بنجلادش إنهم ليس لديهم أي فكرة عما إذا كانت الرسائل التي ينشرها بعض الناس ممن لهم أرقام هواتف مسجلة في الشرق الأوسط أو مناطق أخرى من آسيا هي فعلا لأعضاء في جيش أرسا.
كما يخشى اللاجئون أن تسعى السلطات الأمنية في بنجلادش لمراقبة الرسائل وتبحث في المخيمات عن أنصار أرسا.
وفي ذلك المقهى في مخيم كوتوبالونج توقف اللاجئون عن الاستماع للرسائل عبر مكبرات الصوت خلال ساعات النهار وأصبحوا يفضلون الاستماع إليها سرا أثناء الليل.
ومع ذلك يقول كثيرون من الروهينجا إن منصات التواصل الاجتماعي تلعب دورا أساسيا في الحفاظ على الروح المعنوية بين أفراد الطائفة.
وقال ممتاز الحق صاحب متجر البقالة “شعب الروهينجا ليس منظما… ولا يمكنهم أن ينفسوا عن شعورهم بالإحباط بأي وسيلة أخرى. ولذا فإن تلك هي وسيلة الاحتجاج”.