أصوات ليبية: أنقذوا المركز الوطني للمحفوظات.. ذاكرة ليبيا التاريخية
خاص/218
ارتفعت أصوات ليبية،مختلفة- ثقافية ومعرفية وصحفية وحقوقية- على مدار الــ”24″ ساعة الماضية، مطالبة “السلطات” بالتدخل السريع والفاعل لإنقاذ مقر المركز الوطني للمحفوظات والدراسات التاريخية والكائن في العاصمة طرابلس ويعد من أهم مراكز الذاكرة والهوية الليبية لما يحتويه من وثائق وكتب ومخطوطات تاريخية مهمة تحفظ أهم مواد التاريخ الوطني وخاصة فترة نضال الليبيين ضد الغزو والاحتلال الايطالي الفاشي للبلاد.
تأتي ردات الفعل المستنكرة بعد ما طالبت هيئة الأوقاف في طرابلس -التابعة لحكومة الوفاق- المركز الوطني للمحفوظات والدراسات التاريخية “مركز جهاد الليبيين سابقاً ” بإخلاء المبنى، خلال “3” أيام.
وقال رئيس مجلس الثقافة العام “محمد محيا”، في تدوينة له -الخميس- (إن المركز يحوي بداخله أكثر من “27” مليون وثيقة ومخطوطة تاريخية، ناهيك عن الأبحاث والدراسات والتراجم والكم الهائل من المطبوعات والكتب القيمة وهو منارة تعليمية كان لها الفضل الكبير في البحث التاريخي والتوثيق) .
وأضاف “محيا” مستنكراً مايرى بأنه تصرف غير مبرر من “هيئة أوقاف الوفاق” : (حتي لو تراكمت الايجارات وتعذر الدفع للأوقاف يجب وجود حل غير الإخلاء الفوري).
وتساءل رئيس مجلس الثقافة العام مُذكراً بإجراء مشابه: ( ألا يكفينا ما حصل للدار العربية للكتاب؟ ألا يعتبر هذا الصرح الكبير ذا منفعة علمية ومجتمعية وثقافية مهمة؟).
كما أصدر رئيس التكتل المدني الديمقراطي ، “د. محمد سعد امبارك” بياناً بشأن ما يتعرض له المركز الوطني للمحفوظات والدراسات التاريخية، قال فيه: ( تابعنا بشديد الأسف الحملة التي يتعرض لها المركز الوطني للمحفوظات والدراسات التاريخية بمدينة طرابلس، ومطالبته بضرورة إخلاء مقراته في بحر ثلاثة أيام ومعهم حوالى 28 مليون وثيقة من المخطوطات والأرشيف التي توثق تاريخنا الوطني، بحجة أن ديوناً متراكمة عليه، وتوجب سدادها).
وأكد رئيس التكتل المدني الديمقراطي رفض منتسبي التكتل والأعضاء لمثل هذه التصرفات التي وصفها بــ”غير المسؤولة”، وقال إنها : (تعرض موروثنا الليبي التاريخي للخطر، ونعلن تضامننا مع كل الوطنيين الحريصين على مصلحة الوطن وتاريخه، ونطالب بوقف هذه العملية، التي لا تستهدف فرداً أو أفراداً بأعيانهم، ولكنها تستهدف مركزاً من أهم المراكز العلمية في بلادنا، ويعد بحق “ذاكرة الوطن التاريخية”، ويحتوي على وثائق تاريخية لا تقدر بثمن .. وإننا إذ ندعو القوى الوطنية كافة، من أحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني ومستقلين، للوقوف وقفة قوية، ورفض ما يتعرض له المركز الوطني للمحفوظات والدراسات التاريخية، فإننا نطالب الجهات المختصة والمعنية، بسرعة معالجة هذه الأزمة وضمان استمرار المركز في عمله وبمقراته المخصصة له).
وأطلق الصحفي الليبي محمود البوسيفي بياناً فتح له باب التوقيع في مدونة نشرها على صفحته بالفيس بوك حمل عنوان ” نداء وطني ومناشدة لإنقاذ مركز الدراسات التاريخية من الإستيلاء على مقاره)،جاء فيه : ( نحن الموقعون أدناه نوجه نداءً وطنياً عاجلاً لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس، من أجل حماية وحفظ وإنقاذ مركز المخطوطات والدراسات التاريخية “مركز توثيق جهاد الليبيين ضد الغزو الإيطالي” من النقل، والاستيلاء على مقاره التي تحوي وتحفظ أرشيف الذاكرة الوطنية من مخطوطات ووثائق مكتوبة ومسموعة ومرئية تم العمل على حفظها وأرشفتها منذ عشرات السنين، فالشعوب تبنى شخصيتها المعنوية من خلال الذاكرة الوطنية من مخطوطات ووثائق وأرشيف وطني يسجل تاريخها مسيرتها وكفاحها وجهادها).
وأضاف البيان: ( هذا النداء نوجهه وطنياً للحكومة الليبية، لأهمية المركز في حفظ الذاكرة الوطنية للأجيال سياسة وثقافة وفكر وتاريخ وشعر وأدب، حيث أن الإنتقال من المقر الحالي سيسبب في تلف الوثائق والمخطوطات وضياعها وفقدان أرشفتها وتبعثرها وبالتالي فقدانها وعدم الإستفادة منها، وأن حدث ذلك لا قدر الله، سيكون جريمة لا يجب السماح بحدوثها، وندعو لمنعها عاجلاً)
وخلص البيان إلى أن المحافظة على المركز ومحفوظاته ووثائقة – وقف عام لكل الليبيين – مهم للماضي والحاضر ومهم بشكل أكثر حيوية لمستقبل الأجيال، ومن هذا المبدأ : ( فالنداء موجه لحكومة الوفاق الوطني – التي نثق في تفهمها لأهمية المركز – بالعمل العاجل على مواجهة الحجج الإدارية، ومنع الإستيلاء على مقار المركز المهمة، حتي لا يتم الإستيلاء على مقار المركز، وتتسرب الوثائق وتضيع وتضيع فائدتها المهمة وتفقد الذاكرة الوطنية المركز الوطني الكبير الذي يحوي كنوز الوثائق والمخطوطات والشهادات الموثقة المكتوبة المسموعة والمرئية، وعلى الحكومة الموقرة اعتبار المركز مسألة سيادة وطنية إسلامية تاريخية للحاضر والمستقبل، لا يجب أن تنفرد جهة واحدة بالتصرف فيه وفي مقاره لأسباب إدارية، ويجب منع ممارسة الضغوطات على المركز وحمايته وصيانته وحل المسألة بشكل نهائي بما يحفظ المركز في مقره الحالي، إننا نتطلع بكل حرص أن تتفهم الحكومة أهمية هذا المركز وحيويته، وندعو للتحرك العاجل لحمايته).
وأبدت “حركة تنوير” الشبابية، استغرابها من أن “وزارة الأوقاف” تهدد بإخلاء مبنى المركز الوطني للمحفوظات والدراسات التاريخية، ( دون معرفة حاجة الوزارة التي تمتلك مبان وأراض عديدة، لهذا المبنى تحديداً، علماً بأن هذا المركز كغيره من المراكز في بلدان العالم، التي تعد أرشيف المجتمعات ودليل على وجودها، كما أن المركز الوطني للمحفوظات الذي أنشىء منذ عقود، يحتوي على كم هائل من تاريخ الليبيين بما فيه فترة النضال ضد الاستعمار والتراث الشفوي والكتب التاريخية النادرة التي استفاد منها بحاث ليبيون وأجانب).
وقال بيان حركة تنوير ” ( إن تاريخنا وتراثنا الليبي والإنساني يواجه خطر الإزالة من قبل وزارة الأوقاف في ظرف ساعات معدودة ، من خلال قرار إخلاء مبنى مركز المحفوظات والدراسات التاريخية في سابقة لم تحدث منذ إنشاء المركز).
وطالبت “حركة تنوير” -بدورها – بشكل عاجل حكومة الوفاق ووزاراتها التابعة لها بـــ : ( ضرورة التدخل ، وإنهاء هذا التسلط الذي تمارسه وزارة الأوقاف مدفوعة بنوايا مبهمة وتطالبها بمراجعة كل الموارد والممتلكات التابعة لها وتبيان أوجه التصرف فيها، كما تطالب حركة تنوير إعادة مراجعة قوانين الوقف التي تم إلغاءها في العديد من البلدان).
وخلصت “حركة تنوير” في بيانها إلى أن : (وزارة الأوقاف تتصرف كجسم منفصل ودولة داخل الدولة، يدار من قبل جهات وأيديولوجيات غير معلومة للشعب كما لو أنها ليست مؤسسة حكومية تابعة للشعب الليبي وتحت تصرفه وحكمه، إذ غضت الطرف فيما سبق عن تدمير دور العبادة والزوايا والمواقع التراثية، بينما تسعى بكل جهدها لوضع يدها على مباني وأرشيف التاريخ ومحفوظاته وتخريب ذاكرة ليبيا).
وطالبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليببا-من جانبها- وبشكل عاجل حكومة الوفاق والوزارات التابعة لها ضرورة التدخل ، وإنهاء ما وصفته بــ “التسلط” الذي تمارسه هيئة الأوقاف “مدفوعة بنوايا مبهمة” كما تطالبها بمراجعة كل الموارد والممتلكات التابعة لها وتبيان أوجه التصرف فيها، كما طالبت اللجنة إعادة مراجعة قوانين الوقف التي تم إلغاءها في العديد من البلدان.
كما طالبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان ،عبر بيان لها – أصدرته يوم الخميس- كافة الأطراف الوطنية الليبية وفي مقدمتها المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني ومجلس النواب بالتحرك الفوري لحماية مركز دراسات التاريخ الليبي ، من العبث، داعيةً منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم اليونسكو لتقديم الدعم والمساندة لهذه الحملة، وعرض جوانب المساعدة التقنية والمالية للحفاظ على المركز والأرشيف الوطني وفق الأصول العلمية.
يذكر أن “هيئة الأوقاف” قد أمهلت إدارة المركز الوطني للمحفوظات والدراسات التاريخية، “3” أيام لتسليم المقر أو تطبيق الحجز الإداري عليه وقد طالبت “الأوقاف” منذ “3” سنوات، المركز الكائن في قلب العاصمة برفع الإيجار الشهري من “2000” دينار ليبي إلى “96” ألف دينار ، مايعده المهتمون والعارفون بالشأن الثقافي أنه رقم مبالغ فيه تحسبه جهة حكومية “من مشاغلها جمع الأموال” على جهة حكومية أخرى غير ربحية.