أبو رمان لـ218: هذا أسلوب داعش الجديد.. ويجب “غربلة” الخطاب الديني
رأى د. محمد أبو رمان، الكاتب والباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية، أن ليبيا تحولت، كما أُريد لها أن تكون، إلى مركز قاري أو إقليمي للجماعات المتشددة والإرهابية، لا سيما أن أفريقيا اليوم تشهد صعودا للحركات الراديكالية، وأنه بعد هزيمة داعش في سرت انتهج التنظيم نفس الأسلوب الذي كان يعتمده في العراق بإعادة التشكل واللجوء إلى الصحراء.
وقال أبو رمّان، في برنامج “البلاد” على قناة “218 نيوز”، أن الإرهابيين طوروا تكتيكات مع كل ساحة دولية انتقلوا إليها، رغم كل الجهود الدولية لصدهم، فهم يسبقون الدول بخطوة أو أكثر حين الانتقال من دولة إلى أخرى، مضيفا أن ليبيا اليوم بحاجة إلى تنسيق إقليمي حقيقي ومجهودات كبيرة، وثمة مفاهيم مفتاحية سواء بخصوص العراق أو ليبيا أو سوريا مثل ظروف الدولة الفاشلة وضعف مؤسسات الدولة والفوضى الأمنية كاشتراطات لظهور الجماعات الإرهابية على السطح كل مرة من جديد فداعش يستثمر وجود أي خلل في أية دولة.
وأكد أبو رمان أن شخصيات ليبية كانت نافذة في القاعدة، فحدث تزاوج بين العائدين من أفغانستان مع وجود صراع سياسي وأمني أنتج متطرفين جدداً وتشكلت البيئة المثالية الحاضنة لصعود داعش، مبينا أنه بين القاعدة وداعش الأهداف واحدة ولكن الاختلاف والخلافات بينهما عديدة أبرزها كون داعش يأتي على يمين القاعدة فهو أشد تطرفاً، وسياسياً تنظيم داعش أقرب إلى الهوية العراقية التي هي في الأصل مواجهة طائفية، وعموماً في كل المناطق حصل انقسام شديد بين التنظيم السلفي الجهادي وحصل التصادم بين القاعدة وداعش.
وتابع أبو رمان أنه في اليمن مثلاً حصلت خلافات وانشقاقات داخل القاعدة اليمنية وكذلك في أفغانستان، دون أن ننسى أن عودة التحالف بين التنظيمين ممكن فثمة أسباب سياسية قد تعود بهما إلى واحد، أيضاً الارتباط بوجود صيغة جديدة عالمية فبعد الاندحار في العراق وسوريا لداعش يمكن أن يُحدث عودة التحالف وينعكس ذلك على ليبيا وعموم أفريقيا أيضاً.. وثمة احتمال تطور صيغ أخرى من التنظيم.
وأكد الدكتور أبورمان في مداخلته على أن الهزيمة الحقيقية للحركات الإرهابية ترتبط بحالة سياسية ومنظومة متماسكة وتوافقات سياسية، لافتا إلى أن رأس التنظيم في ليبيا كان من جنسية عراقية وهو الأنباري، وبعد مقتله جاء أبو معاذ وهو عراقي أيضا، وفسر سبب ذلك بأن العراقيين عاشوا مع صعود داعش في العراق ومن هنا يرسل عناصر الخبرة إلى ليبيا، مبينا أن التونسيين لهم حضور كبير في العراق ومن هنا منطقي أن ينتقلوا من العراق إلى ليبيا، وكذلك السعوديين.
وقال إن داعش استفاد من وسائط التواصل الاجتماعي وسرعة الاتصالات والنقل المرئي الحديث، فبوسائل التواصل الاجتماعي نقل التنظيم رسائله بسرعة وبشكل أسهل في التجنيد والاستقطاب.. وفي التقنيات الدعائية المعنوية واستغلال الضعف العام للمجتمعات ركز التنظيم على الهوية، مضيفا أن الخطورة في لعبه على الرموز مثل الخلافة والعديد من الشعوب تهرب من فوضاها إلى التنظيم الإرهابي وكثيرون هربوا إلى التنظيم بعائلاتهم كملاذ حياتي اقتصادي ومعنوي .
وعن المقاومة الثقافية للإرهابيين وشيوع مفهوم الإرهاب بين أبو رمان أن الخطاب الديني والموروث الفقهي بحاجة إلى غربلة، والإصلاح الديني لا يتحقق في غياب ديموقراطية ومؤسسات مجتمع مدني، كما أن أسلمة الرديكالية تدفع الناس إلى التطرف.. وأيضاً اصلاح الخطاب الديني يبدأ بتزاوج مع الإصلاح السياسي العام.
ونوه أبو رمان أنه في ليبيا الأمر بحاجة إلى بناء مؤسسات دينية تمتلك الشعبية والمرجعية وبحاجة إلى بناء رموز دينية وإبرازها إعلامياً تعطي الخطاب السليم المضاد للتشدد فالإصلاح الديني واجب تاريخي وفكري وثمة ظروف سياسية يستوجبها إصلاح الخطاب الديني.
وذكر أبو رمان أن ليبيا تحولت إلى قبلة للتيارات المتشددة، وحدث تحول من مفهوم الدولة إلى مفهوم الخلايا والجماعات.. وبالنسبة للذئاب المنفردة عادةً تكون في دول لا توجد فيها خلايا ومجموعات والحضور الأقوى في ليبيا للخلايا والجماعات.
وتطرق الدكتور أبو رمان للعلاقة الوثيقة بين الإرهابيين والهجرة غير القانونية، فهذه الجماعات تحولت إلى مافيا حسب ما يرى، موضحاً أنه في الصحراء الأفريقية ثمة مساحات شاسعة تسهل عمليات التهريب للسلاح والمجندين وحتى ضمن المهاجرين غير القانونيين.
وخلص الدكتور أبو رمان إلى تناول الحديث عن التنسيق الإقليمي حول التنظيمات الإرهابية الذي أجمله في عدة نقاط هي :
– التنظيمات الإرهابية تستثمر عدم وجود تنسيق اقليمي حقيقي.
– عناصر وقيادات داعش يدركون الثغرات الأمنية بين بلجيكا وفرنسا فما بالك بين ليبيا وجيرانها حيث الحدود الشاسعة وغياب الإمكانيات .
– بالنسبة للضربات الأميركية في العمق الليبي لتفتيت التنظيم ، أميركا تضرب في كل العالم في العراق وسوريا واليمن وباكستان وأفغانستان، ولكن هل الإرهاب يتراجع أم يتمدد؟
– بدون وجود ديناميكيات على الأرض فإن الجماعات قادرة على بناء قيادات بمعنى الضربات الجوية لاتكفي.
– تحرر الناس من داعش في الموصل العراقية والرقة السورية وسرت الليبية ولكن لابد من خطوات لاحقة أمنياً وسياسياً وإلا سيرجع التنظيم فالصحراء بيئة صديقة للتنظيم.
– خروج التنظيم من المدن لايعني نهاية التنظيم.
– مالم يكن هناك توافق سياسي وعقد اجتماعي وبناء لمفهوم الأمن وقيام مؤسسات لن تجفف منابع الإرهاب.
– الدول الجارة لليبيا فشلت في مقاومة الإرهاب فلا في مصر ولا في تونس ولا الجزائر ثمة نجاح كامل من هنا يجب أن يكون التنسيق الأمني الإقليمي على درجة عالية أمنياً وسياسياً وتبادل المعلومات والبيانات ومراقبة الحدود وما إلى ذلك.
– السياسات المتضاربة إقليمياً فرصة لتوغل الحركات الإرهابية والأمثلة كثيرة.