سوريا “أكبر خاسر” من الربيع العربي.. 55% من اقتصادها “ضاع”
13.6 تريليون دولار، فقدها العالم ليس على التنمية وتنفيذ المشاريع وإيجاد فرص العمل، بل نتيجة الحروب والصراعات التي تعيشها العديد من الدول في الوقت الحالي، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط.
ما سبق ليس سوى خلاصة لمعهد الاقتصاديات والسلام في تقريره الذي حمل عنوان «القيمة الاقتصادية للسلام 2016» (قياس الأثر الاقتصادي العالمي للعنف والصراع حول العالم)، الذي أظهر أن سورية حلت في المرتبة الأولى كأكبر خاسر اقتصادي في العالم، مع فقدان اقتصادها نحو 54 في المئة من قيمتها الحقيقية، منذ بدء الحرب على اراضيها قبل نحو 5 سنوات تقريباً. المعهد العالمي، أكد أنه بدل ذهاب هذه الأموال الضخمة من أجل تنمية الشعوب واقتصادياتها، فقد أُنفقت أكثرها في التسلح والأمن، أو تبخرت في دول تشهد صراعات، في وقت تكبدت دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكبر خسارة اقتصادية لها بسبب استمرار العنف والحروب.
ومثل توقف نشاط شركات وتراجع الصادرات، وارتفاع مؤشرات البطالة والتضخم، وعدم تدفق العملة الصعبة، وانهيار البنى التحتية مقابل زيادة الإنفاق، والتداين لأجل تمويل الحروب، وصفقات التسلح والأمن، أهم المؤشرات التي اعتمدها «الاقتصاديات والسلام»، في دراسته الجديدة لأثر الحروب على اقتصاديات دول العالم، وخصوصاً دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا.
وكشف المعهد عن حلول سورية في المرتبة الأولى، كأكبر خاسر اقتصادي جراء الحروب، إذ فقدت أكثر من نصف حجم اقتصادها بنحو 54 في المئة عام 2015، فيما أتت العراق وشعبه كثاني أكبر خاسرين للأموال، بسبب استمرار مستويات عالية جداً من العنف.
وأفاد التقرير أن أثر العنف في منطقة الشرق الأوسط على اقتصادياتها، زاد بنسبة 21 في المئة بين عامي 2007 و2014، قبل أن يتراجع قليلاً بين عامي 2014 و2015.
وأشار إلى أن الصراع الجاري في سورية، بسبب تصاعد الإرهاب، دفع إلى زيادة الانكماش الاقتصادي الناجم عن الحرب وعدم الاستقرار، إذ ارتفع حجم الإنفاق العسكري لما يقرب من نصف حجم اقتصاديات بعض دول المنطقة (49.1 في المئة).
وبلغ مستوى الإنفاق على الأمن الداخلي بين 14 و23 في المئة، بينما شاركت 7 دول في المنطقة في صراعات نشطة خلال عام 2015.
ولفت المعهد إلى ازدياد تأثر الاقتصاد السوري بالعنف بنسبة 300 في المئة منذ عام 2007، عازياً هذه الزيادة إلى الدمار الناجم عن الحرب الأهلية (الوفيات الناجمة عن النزاع، ونزوح السكان، وخسائر الناتج المحلي الإجمالي)، بحيث كلفت الحرب السورية نحو 84 مليار دولار حتى اليوم.
وذكر التقرير أن الأرقام تقديرية لعدم توافر بيانات دقيقة، مقدراً أن تأثير الحروب والعنف على الاقتصاد في سوريا والعراق وليبيا ومصر في ازدياد منذ عام 2007 وحتى 2015.
وأشار إلى زيادة الأثر الاقتصادي للعنف بنسبة 77 و74 في المئة بالعراق وليبيا على التوالي منذ عام 2007، منوهاً بأنه في العراق ارتفع الأثر الاقتصادي للإرهاب بنسبة 185 في المئة بين عامي 2009 و2015، بسبب صعود تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، وحرب التحالف الدولي ضده في الموصل.
ولفت إلى أنه على الرغم من انخفاض الإيرادات بسبب تراجع أسعار النفط، فقد زاد العراق نفقاته العسكرية بنسبة 14 في المئة عام 2015.
وأكد المعهد في تقريره، أن أنشطة الإرهاب والحرب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ساهمت في زيادة التكلفة الاقتصادية، إذ تضررت قطاعات كثيرة بسبب الإرهاب، وحرمت قطاعات أخرى من التمويل بسبب زيادة الإنفاق على الأمن.
واعتبر أن الإرهاب أضر باقتصاديات دول عربية كثيرة، وأثر سلباً على مستوى إنتاج مؤسسات وشركات، فضلاً عن قطاعات السياحة والتجارة والاستثمار.
وعلى المستوى الدولي، تكبدت الولايات المتحدة الأميركية، خسارة كبيرة في الحرب على الإرهاب، بحيث بلغ متوسط التكلفة اليومية لحربها لوحدها فقط على تنظيم «داعش» 11.7 مليون دولار.
وقدر التقرير حجم الأثر الكلي لأعمال العنف على الاقتصاد العالمي بنحو 13.6 تريليون دولار، وهو ما يعادل 13.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وما يعادل 1876 دولارا سنوياً للشخص الواحد.
ويمثل الإنفاق العسكري عموماً، المساهم الرئيسي في تكاليف العنف بنسبة 45 في المئة من مجموع التكاليف، أي بما يتجاوز 6 تريليونات دولار.
أما نفقات الأمن الداخلي فتأتي في المرتبة الثانية، وهي عبارة عن نفقات وقائية أمنية، تنطوي على الإنفاق على تعزيز الشرطة، والإنفاق القضائي والسجون، إذ بلغت النفقات الأمنية في العالم، أكثر من 3.5 تريليون دولار عام 2015، وهو ما يقرب من 26 في المئة من تكاليف العنف العالمية.
وأضاف التقرير أن أغلب دول العالم تأثرت بموجة العنف والصراعات والحروب، وأن هناك تفاوتا كبيرا بين البلدان، مع متوسط 7.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما أظهر ارتباطا واضحا بين البيئة الأوسع للسلام، ومستوى الإنفاق المطلوب لاحتواء العنف.
وكشف أن البلدان التي لديها أعلى مستويات سلام إيجابي، تنفق ما بين 1 و2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على الأمن الداخلي، في حين ان البلدان ذات المستويات المتوسطة للسلام تميل للإنفاق بنسب أكبر من ذلك.
وبين التقرير أن العنف يؤدي إلى تدمير رأس المال البشري والمادي، فضلاً عن المؤسسات الاجتماعية والسياسية، كاشفاً أنه بصرف النظر عن التأثير البشري، يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات في الاستهلاك والاستثمار والتجارة والإنتاج. وشدد على أن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن العنف، لها أكبر الأثر على الأداء الاقتصادي والحكومات وصناع القرار.