عن حفتر “المثير”.. و بنغازي..
218TV.net خاص
نشر موقع “ذي أتلانتيك” مقالا للكاتب “فريدريك ويهري” تحدث فيه عن الوضع في بنغازي والصراع القائم فيها، وعن شخصية المشير حفتر وطموحاته في الزعامة.
وهُنا نعرض لكم ترجمة للمقال:
“نحارب الإرهاب نيابة عن العالم”.. هكذا تقول إحدى اللافتات المطلة على شارع في المدينة التي مزقتها النزاعات، لكن اللافتة تحمل أيضا صورة لرجل له شارب ويرتدي بزة عسكرية ـ إنه المشير خليفة حفتر أقوى الشخصيات في ليبيا. وكونُ أن هذه الرسالة تأتي منه، فذلك أمر مثير للانتباه.
عندما ذهبتُ إلى ليبيا منذ سنوات ثلاث، قال لي الجنرال حفتر شيئا مشابها لهذه الرسالة/الإعلان وتوقع أن ليبيا :”ستكون مقبرة للإرهاب العالمي” كانت تلك بدايات عملية “الكرامة” إي حملة حفتر العسكرية لتخليص بنغازي من الإسلاميين والمليشيات الجهادية، الذين استوطنوا المدينة مع قيام ثورة فبراير 2011. كان قد تعهد بأن تنتهي العملية خلال أسابيع، لكن في شهر مايو تكون قد انقضت 36 شهرا على بدء العملية، وقد أدى الصراع في ليبيا إلى مقتل وتهجير الآلاف وسبب دمارا لم تشهده البلاد منذ الحرب العالمية الثانية.
اليوم ، يقول حفتر إنه حقق بعض النجاح وإن قواته قد قضت على القسم الأكبر من الإسلاميين المتشددين، وحصرتهم في عدة مبان من مساحة صغيرة في ضواحي بنغازي. وأن الحياة بدأت تعود إلى المدينة. لكن من جانب آخر فقد أدت عملية الكرامة إلى ظهور قوى مزعزعة للاستقرار أهمها تنامي صعود الدور الاستبدادي والسياسي لحفتر نفسه، في تحد لحكومة الوفاق التي تدعمها الأمم المتحدة، وهذا الصعود لحفتر مدعوم من قوى إقليمية، وكذلك في الآونة الأخيرة هناك إشارات تأييد من إدارة ترامب، وهو ما يؤدي إلى تأثيرات قوية في البلاد بأسرها.
يتطرق المقال إلى جذور ظهور عملية الكرامة وكيف بدأت الاغتيالات والقتل للعسكريين والنشطاء في غياب اهتمام من العالم الخارجي، وكيف وصل الناس إلى قناعة بأنهم يريدون الأمن ووقف سيل هذه الفوضى. ثم يتطرق إلى مسيرة حفتر وعودته إلى ليبيا بعد الثورة، وكيف بدأت عملية الكرامة بعدة مئات فقط من المقاتلين.
وقد أخبر حفتر الكاتب حينها أن الكرامة ليست فقط لطرد المتطرفين وإنما أيضا لاستعادة شرف العسكريين الذين تم إقصاؤهم من المشهد من قبل المليشيات، وكيف أنهم يحصلون على رواتب أقل من منتسبي المليشيات المسلحة المرتبطة بالجهاديين، وألقى اللوم في الفساد على البرلمان وعلى الحكومة في طرابلس، وأنه يريد أيضا التخلص من الإسلاميين وخاصة الإخوان المسلمين، ومثله الأعلى في ذلك هو الجنرال السيسي، الذي سار على هديه وتلقى منه دعما محوريا.
ويقول الكاتب أيضا إن حفتر تلقى دعما من مستشارين خاصين من بريطانيا وفرنسا وأميركا الذين قدموا معلومات استخباراتية ودعما في الجبهات. لكن حفتر ارتكب أخطاء عندما جمع الجهاديين والمعتدلين في سلة واحدة، وبالتالي تحول ميزان القوة مع مرور الوقت لصالح الجهاديين بقدوم أعداد كبيرة منهم من تونس ومصر ومناطق أخرى.
يقول الكاتب، رغم استمرار الصراع بوتيرة أخف، ورغم استمرار سقوط الضحايا إلا أنني أشعر بعودة الحياة في المدينة إلى طبيعتها، ففي منطقة البركة ترفرف أعلام فريق النصر الخضراء على ملعب الكرة، والشوارع تضج بالحركة، وينتشر شرطة المرور في الشوارع التي كانت محرمة عليهم في السابق خوفا من الاغتيال.
كما أن أماكن الترفيه والأسواق المجمعة “المولات” عادت تعج بالمتسوقين. لكنه يقول أيضا إن هذا ليس سوى وجها واحدا يتمثل في إحراز تقدم وفي عودة النظام، وأن هناك جانبا آخر للقضية تمثل في بروز صراع اجتماعي وشرخ عميق بين الأقارب والجيران، ويستمد قوته أيضا من التوترات القبلية والطبقية بين قبائل المناطق الشرقية وبين عائلات من الغرب الليبي، وبين النخبة المدينية وفقراء البادية.. وقد ظهرت أخبار عن حالات تعذيب، وإخفاء قسري، وتدمير للممتلكات، وكذلك إعدامات ميدانية اقتُرفت من قبل طرفي النزاع.
يقول الكاتب إن هذا الوضع يجعل الصراع في بنغازي يأخذ أبعادا أوسع بسبب التداخل القبلي والاجتماعي، ويضيف أن أحد المناهضين لحفتر من مصراتة، أخبره أن “من يسيطر على بنغازي .. يسيطر على ليبيا كلها.”
ويشير المقال إلى أنه رغم تصنيف حفتر كعلماني إلا أنه يُلاحظ صعود الإسلام المحافظ الذي تمظهر في الحركة السلفية.. ويصفهم الكاتب بشرطة الأخلاق، ويذكر تدخلهم الشهير في احتفال “يوم الأرض” كما يذكر الكاتب أيضا إجراءات عسكرة المدن من خلال تعيين حكام عسكريين للبلديات المختلفة في الشرق.
يذهب المقال إلى أن المشير حفتر قد أرسل في الشهر الماضي ممثلين عنه إلى واشنطن، ونقل إلى الولايات المتحدة فكرة أن يحكم ليبيا من خلال مجلس عسكري، لكن لم يُستجب لفكرته. لأن الولايات المتحدة تعتبر أن حكومة مدنية تبسط سلطتها على الجيش هي خط أحمر. ويقول إن حفتر غيّر موقفه عندما قبل بمنصب مدني يشرف من خلاله على الجيش الليبي تحت قيادة مجلس من ثلاثة أشخاص، كما أنه يخطط لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة المزمع إجراؤها في بداية 2018.
ويشير الكاتب إلى مشاهدته على تغيّر في الموقف، فقد رأى لافتة ضخمة في ميدان الكيش عليها صورة حفتر في ملابس مدنية، وكانت اللافتة من تدبير “حركة التفاوض الشعبي لإنقاذ البلاد” التي قالت إنها تسعى لجمع 400 ألف توقيع لتفويض حفتر لحكم البلاد.
ويشير الكاتب إلى أن تركيز ترامب على محاربة الإرهاب هي بمثابة هدية من السماء للجنرال حفتر. ويقول في النهاية إنه يرى ملامح وخطوات لإعادة نهج عبادة الشخصية، وينقل على لسان أحد النشطاء قوله: “لقد بدأنا ننظر إليه كإله صغير، وهذا أمر خطير. لأن هذا تماما ما فعلناه مع القذافي.”