“218”.. رقمٌ لمس قلوب الليبيين قبل أن تلمسه أصابعهم على الشاشة الملساء أو الكيبورد، أو على أزرار الهاتف قبل ذلك، فارتبط هذا الرقم بأصوات من نحب وبهمسهم وضحكاتهم التي رسمها لنا رغم المسافات، واستفز دموعنا إذ جعلنا قريبين من المأساة حدّ الغرق، وصار شفرةً روحية تفتح لنا أبواب الوطن على مصراعيها، وتنقلنا برشاقة لعوالمه التي نشتاقها وتشتاقنا، باختصار، 218 رقمٌ سافر بنا إلى ليبيا عندما استبدّ بنا الشوق.
وهكذا كان الموقع الإلكتروني الذي حمل اسمه، رافق الليبيين في احتفالاتهم بفوزٍ حققه أحدهم في أي بقعة من العالم، احتفى بأبطال الرياضة الذين توسّد العلم أكتافهم على المنصات في تكساس وجوهانسبيرج، وكان مع الفنانين وهم يتألقون بموسيقاهم أو بلوحاتهم على مسارح روما والقاهرة، ورافق الإنجاز الليبي في كل مكان، ليفتح بابا للفرح رفض الليبيون أن يكون موصدا في وجه المستقبل.
ولأن ليبيا تعيش زمنا رديئا بكل ما تعني الكلمة، فقد كنا في قلب المعاناة مع أهلنا في تاورغاء وفي صبراتة ودرنة وبنغازي وسرت، وكل مدننا.. ونقلنا خطوات بعض المدن الليبية إلى الخلاص من غول الإرهاب، ولازلنا نواكب ألم من لم يصل إلى الأمل بعد، كنا في المستشفيات التي يعوزها الاهتمام، وفي الشوارع التي كانت مسارح للاشتباكات، وفي المخيمات التي يعيش فيها ليبيون داخل ليبيا.
أما الهوية الليبية فكانت الرهان الحقيقي، إذ حضرت “العشية” و”الصبح” و”البلاد”، إضافةً إلى كل المفردات التي لا يستعملها إلا أهل الوطن، فزينت التقارير والبرامج بروح “ليبيا” التي لا تنطفئ، في الماضي والحاضر آمنا بليبيا وبأنها أكبر من كل من يريد أن يرقص على جثتها، إنها تعيش بعشاقها عشاق الحياة، في كلماتهم وموسيقاهم وألوانهم، في فكرهم المشرع باتجاه الشمس، وحبات العرق التي يغازل بها البسطاء ترابها، كنا مع كل هؤلاء، واليوم في عيدها الثاني، تطمح “218” إلى أن تحلق بعيدا دون أن تبتعد عن كل ما منحها النجاح والتميز.