218 تواكب صدور العدد الثاني من “ماريش” الثقافية
صدر العدد الثاني من مجلة “ماريش الثقافية“، التي تَعدُ بأن تكون منارة ثقافية بارزة في بلادٍ أنهكتها الصراعات وتكاد تخلو من أبسط مظاهر الثقافة بأشكالها المتعددة.
وخرج العدد مزداناً بصورة غلافٍ للتشكيلي الليبي “علي العباني” واشتمل على حوار مع الفنان الليبي أيمن الهوني جاء تحت عنوان “فارس الريح الذي هزّ عرش المالوف”، وآخر مع الفنان التشكيلي محمد قجّوم الذي يقول “إن طموح الفنان وخياله هما المحرك الذي يدفعه إلى أماكن أخرى”.
واحتوى العدد الثاني على دراسات ثقافية منها واحدة مميزة عن الأدب الفرانكفوني في أفريقيا السوداء للتونسي علي الجلاصي، وأخرى ليونس الفنادي عن القصيدة الأشهر لعمر الكدي “بلاد تحبها وتزدريك”، وفي دراسةٍ مميزة يبحث المغربي عبد الغني العويس في قضية مُهمة هي غياب الإبداع في النصّ الأدبي ويصفها بأنها موت للكاتب والمكتوب.
كما اشتمل العدد على نصوص شعرية لعديد الشعراء العرب والليبيين منهم سميرة البوزيدي، جمعة عبد العليم، وأميلة النيهوم، منى الدوكالي، أسامة الناجح، الفيتوري الصادق، وأحمد قرين.
وتحدث عضو هيئة تحرير المجلة أسامة الناجح، عن المجلة التي دخلت المشهد الثقافي الليبي والفكري بأسماء لها نتاجها الفكري والأدبي.
وأوضح الناجح لـ218، “حقيقة مجلة ماريش الثقافية الفصلية والتي تصدر كل ثلاثة أشهر، أوجدتها أسرة التحرير بالاتفاق مع مكتب الثقافة غريان، وصدر قرار تأسيسها من هيئة الثقافة والمجتمع المدني على أن تكون ممولة من مكتب الثقافة بغريان”.
وكشف أسامة الناجح، أن مكتب الثقافة غريان خذل المجلة، بقوله: “لكن حقيقة الأمر أن مكتب الثقافة غريان خذل المجلة وخذل أسرة تحريرها قبل صدور العدد الأول وكل الوعود بالطباعة والتمويل ذهبت هباء، لكننا كأسرة تحرير للمجلة مازلنا نراها كطفل وليد عانينا مخاضه جميعا فلم نشأ أن نتركه ولم نرضَ وأده، فأخذنا على عاتقنا الاستمرار دون أي تمويل حتى الآن”.
ووصف عضو هيئة تحرير “ماريش”، المجلة بأنهم يرونها حلماً ثقافياً وواجبهم الإنساني الذي يفرض عليهم التمسك به ولا بد له من الاستمرار.
ويشير الناجح في حديثه لـ218، إلى أنهم “كمثقفين وأدباء تعودنا على خذلان الحكومات المتعاقبة التي لا تعير الثقافة أي اهتمام وتراها مشروعا للترفيه ولصرف الأموال ونهبها بصيانة المباني الشاغرة وإقامة بعض المهرجانات الجوفاء التي لا يستفيد منها سوى بضعة لصوص ومقاولين”.
الثقافة كمصدر رزق
ولفت عضو هيئة “ماريش”، إلى أن الغالبية في ليبيا، تعودت على أن تكون الثقافة مصدر رزق، “تعودنا في ليبيا أن الغالبية ينظرون للثقافة كمصدر رزق فتجد أغلب الموظفين لا يحملون الهمّ الثقافي الإنساني بل شغلهم الشاغل هو المرتب الوظيفي وبعض المناصب والميزانيات التي في نظر أغلبهم هي مشروع للنهب والاستنزاف”.
وعن “المجلة”، تحدث عنها الناجح بقوله، “أما ابنتنا الوليدة ماريش الثقافية فمازلنا نسقيها بعضا من روحنا والكثير من الوقت والجهد والتفكير وحتى مشاعرنا وبعضا من أموالنا وأعمارنا لتستمر وتزهر.. ماريش الثقافية بلا ممول وحتى الآن ماريش هي ابنتنا التي نرعاها نحن فقط أسرة التحرير ونمولها ونبذل قصارى جهدنا بأن تظهر للعالم بمظهر يليق بالثقافة الإنسانية وإضفاء البصمة الليبية له”.
وكشف الكاتب الليبي أسامة الناجح، “عندما فكرنا في ماريش اتفقنا على أن تكون مجلة ثقافية إقليمية رصينة تنافس المجلات الثقافية العربية وتمثل ليبيا في الوسط الثقافي تمثيلا يليق بليبيا، وأن تحمل بين طياتها مواد ثقافية دسمة ورصينة وتجارب متنوعة، وحلمنا أن تكون المجلة رقم واحد عربيا وإقليميا .. فنحن نسعى ونجتهد جدا في اختيار المواد فلا نعتمد على أسماء في حد ذاتها بقدر ما نهتم بنوع المادة ورصانتها وما تقدمه من إضافات لغوية وثقافية ونحرص على أن يكون العدد متوازنا”.
ليبيا والتنوع الثقافي:
وأشار عضو هيئة تحرير مجلة “ماريش”، إلى أن “ليبيا بها تنوع ثقافي وتجارب مهمة جدا إقليميا ولكن لسوء الإدارة لم يتم تسويقها ولم يتم دعمها إعلاميا للانتشار ولم تحظَ بترويج يُذكر، لذا نحن نسعى لتقديم التجارب الليبية للعالم ونحاول أن ننجح في تسليط الضوء على الكُتّاب والأدباء الليبيين واستعراض الثراء الثقافي الليبي المتنوع إقليميا وإشهاره، فهدفنا في ماريش هو أن نعبر بالثقافة الليبية خارج الحدود”.
أزمة التمويل:
وتحدث الناجح بصراحة عن تمويل المجلة، “نعم يكبلنا انعدام التمويل فنحن لا نتقاضى أية أجور مادية منذ ولادة العدد الأول وهذا يعيقنا أحيانا لأن بعض الكتاب يطلبون مقابلا ماديا ليمنحنا الإذن بنشر إبداعاته، لكن من وجهة نظري أرى أننا نجحنا في أن نجعل أغلب الكتّاب يتسابقون للنشر في ماريش وبدون مقابل”.
وأوضح الكاتب أسامة الناجح، “تصلنا بشكل شبه يومي أعمالا ثقافية محلية وإقليمية وهذا يحمّلنا الكثير من المسؤولية في انتقاء المواد التي ستفوز بنشرها في عدد من أعداد ماريش الثقافية”.
الأزمة السياسية والوعي:
وأكد عضو هيئة تحرير مجلة ماريش، أن المجلة “بعيدة جدا عن التجاذبات السياسية المحلية والإقليمية.. ونحن نؤمن بأنه إن ارتفع الوعي العام والثقافة في أي بلد سينهض.. لأن الثقافة هي النور الإنساني الهادي للاستقرار والخلق والتقدم والابداع”.
وأكد الناجح، أنهم لم يمنعوا نشر أي طرح أو رؤيا ثقافية أو فكرية من شأنها النهوض بليبيا، مضيفا بقوله: “ولست هنا في مجال لذكر بعض المقالات والكتابات الإبداعية في العددين الأول والثاني والتي تنتقد الواقع بشكل ثقافي رصين”.