19 مارس.. إلى أين سارت الثورة؟
متأخرون جداً Too late، نطقها نجل القذافي أثناء مقابلة تلفزيونية بعد إخباره بأن العالم يتحرك ويضغط، قالها وهو يبتسم باستهزاء معلناً أن قواته على أبواب بنغازي.
في الذكرى السابعة لهذا المفصل من الثورة الليبية، بل قد يكون تاريخ ليبيا بأكمله، كان التغيير سياسياً، عسكرياً واجتماعياً شاملاً، ربما حينها لم ير ذلك السكان الذين ملأت سياراتهم الطريق الساحلية شرق بنغازي هرباً مما هو قادم.
كانت التحركات بين ضفتين، ضفة بنغازي التي تموج منذ شهر ونيف بسلمية في الشوارع، بعد أن واجه الناس رصاص أمن القذافي بالهتافات، والتي جعلت الليبيين الذين جاؤوا من كل المدن وأصبحت مستقرهم يرون أن بنغازي مركز للثورة. وضفة قوات النظام التي يرى البسطاء فيها أنهم يحررون بلادهم من مؤامرة كونية، كما سوّق إعلام الدولة في المعسكرات التي أتوا منها، ولم يسمح لهم بمغادرتها حتى إرسالهم إلى الموت.
لكن الحرب الحقيقية بين الطرفين لم تكن بين ليبيين وليبيين، ليست حرباً أهلية كما يراد التسويق لها من أطراف سياسية، بل كانت حرب نظام ضد شعب.
ربما يرد آخرون بأن ما الفرق بين ما يحدث الآن من احتراب وما حدث عام 2011، حينها لم يكن لدى الليبيين أسلحة يستطيعون الدفاع بها عن أنفسهم سوى الرغبة في التغيير، ولم يوقف سيل قوات القذافي الجارف إلا طائرات الرافال وقوات الناتو، التي جاءت بعد رؤيتها لأرتال عسكرية تتحرك نحو مدن لا تملك ما يدفع عنها أذاها.
يلقي أنصار النظام السابق اللوم إلى الآن على الثورة هذا التدخل الدولي، متناسين حقيقة أن قوات القذافي حين اقتربت من مدينة اجدابيا صارت تقصف من على البعد من دون أن تفرق بين أعداءها وأنصارها الذين كان بعضهم متواجدين في المدينة. ومتجاهلين حقيقة أن “ليبيا” جزء من منظومة دولية، لا كما يتخيلها أنصار “العقيد” في أذهانهم “الجماهيرية” الأولى في التاريخ وكأنها منفصلة عن كل ما حولها.
تتعدد الأسباب التي أوصلت إلى 19 مارس، بداية من المواجهة العسكرية الهائلة للنظام ضد الحراك الشعبي، وصولاً إلى محاولات النظام إظهار نفسه كمتنازل منذ عام 2003 حينما سلم مشاريعه لأسلحة الدمار الشامل بعد مشهد سقوط “صنم” صدام في وسط العاصمة العراقية بسيارة عسكرية أميركية وهتاف المواطنين الفرحين حولها.
يغيب إلى اليوم التحليل الدقيق لتأثيرات التدخل الخارجي في الثورة التي ظلت تصارع من أجل بقاءها أكثر من شهر، فتحريك طائرات وقواعد، وتشكيل غرف عمليات عالمية، لا يكون أبداً منخفض السعر في دكاكين السياسة العالمية، لكن يدرك الليبيون والساسة حينها والآن، أن ما قبل 19 مارس ليس كما بعدها.