11 سبتمبر “النسخة الليبية” وترامب.. وجهًا لوجه!
دخلت ليبيا التاريخ الأكثر جدلا، في العالم، الحادي عشر من سبتمبر من العام 2001، الذي هزّ الدول وأزاح زعمائها، ولكن دخول ليبيا لهذا التاريخ لم يكن في ذات العام الذي استيقضت فيه أمريكا على انهيار برجي التجارة العالمي، بل بعدها بإحدى عشر عامًا، ما جعل هذا الرقم علامة مُسجّلة بالنسبة لليبيا.
في الحادي من سبتمبر، يوم الثلاثاء، من العام 2012، هاجم متظاهرين مسلحين، أغلبهم من الجماعات الإرهابية، مبنى القنصلية الأميركية في بنغازي احتجاجا على عرض فيلم “براءة المسلمين” للمخرج الأمريكي سام باسيل، ما أدّى ذلك إلى مقتل السفير الأمريكي ” كريستوفر ستيفنز”، وتغيير مسار الحدث إلى كونه مُدبّرًا، من جماعات إرهابية، هدفها قتل السفير ونشر الفوضى في بنغازي وكل ليبيا.
لكنّ اليوم وبعد سبعة عشر عامًا على الحدث الأبرز في الولايات المتحدة الأمريكية، وستة سنوات على الحادي عشر من سبتمبر “النسخة الليبية”، لم تعد أمريكا اليوم، ماكانت عليه في السابق، بل أكثر وضوحًا اتجاه القضايا الإقليمية، والملفات الساخنة التي من بينها الملف الليبي، بعد مجيء الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ومحاولته إصلاح سياسات الإدارة الأمريكية السابقة، التي كانت لها اتصالات مع أطراف من “الإسلام السياسي” في المنطقة ومن ضمنها ليبيا، على وجه الخصوص، ومحاولة بعض رموزها “توطين الإسلام السياسي”، تغيّرت المُعطيات الجديدة بشكل جذري، وكان أبرزها مشروع القانون الذي تقدم به الكونجرس الأمريكي بشأن إدراج جماعة الإخوان المسلمين ضمن المنظمات الإرهابية، ما يجعل إدارة ترامب تتجه نحو تصعيد موقفها مع الإسلام السياسي بشكل واضح وصريح، وهو الأمر الذي يجعل البعض يُعيد قراءة مشهد الحادي عشر من سبتمبر، واستدعاء الجذور الفكرية لتنظيم القاعدة وارتباطها مع الإخوان المسلمين، وليس بآخرها ما كشفته والدة أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة، لصحيفة الـ”غارديان” في أغسطس الماضي، بقولها: أن ابنها التقى بعضو جماعة الإخوان المُسلمين، عبد الله عزام، ومنها بدأ في التحول إلى التطرف.
الأبواب المُغلقة وخفايا هذا التاريخ، أصبحت تتكشّف شيئًا فشيئًا، خصوصا بعد أن أعلن الإسلام السياسي تحالفه في سنوات مضت مع “أنصار الشريعة” في تونس وليبيا، وتنظيم القاعدة، وكان في ليبيا يملك النفوذ والمال، ويرفض إعادة تكوين الجيش الوطني والمؤسسات الرسمية، ويدعم الكتائب المسلحة على حساب الدولة وأمنها. وأصبح اليوم بعد تلك السنوات، يُعيد قراءة الأفكار السابقة، والبحث عن موطئ قدم في التحالفات السياسية الجديدة.
الظروف اليوم تختلف عمّا كانت عليه، في السابق، الحادي عشر من سبتمبر، اليوم أصبح درسًا قاسيًا لكل من راهن على الخطاب المتطرف، ولُغة الإقصاء لمن يطالب بتحكيم العقل والمنطق في بناء الدولة. وليبيا كانت ولازالت من الدول التي يطمح فيها شعبها بأن يعيش بسلام، بعيدًا عن “النُسخ الجديدة” من الإرهاب، التي موّلتها أطراف ليبية، أعترفت فيما سبق بأنها كانت تدعم الإرهابيين، الذين تُسمّيهم بـ”الثوار” في بنغازي ودرنة وسرت.