10 وصايا للنجاح
نجيب الحصادي
لا أحد يحب الامتحانات، ممتحِنا كان أم ممتحَنا. الممتحِن لأنه ملزم بتقويم نصوص مكرورة، صور مستنسخة، وعادة ما تكون مشوهة، لما أمضى عمره يلوك فيه بقلمه ولسانه. وتصحيح الامتحانات عملية مصاحبة بكدر، ليس فقط لأنها تبعث على الضجر، بل أيضا لأنها تتطلب اتخاذ قرارات مؤلمة قد تقرر مصير أسر بأسرها. والامتحانات أشد إيلاما للممتحَن، لأن الامتحان نوع من الابتلاء، فهو يهدد ببلوى الفشل، وما رهاب الامتحانات إلا نوع من القلق النفسي الناجم عن خشية الفشل.
وكما أن التحذيريات التي يطلقها الأطباء حول مخاطر التدخين لا تحول بذاتها دون وجود ممارسين لهذه العادة، فإن النصائح التي يزجيها الخبراء النفسيون حول سبل تجنب رهاب الامتحانات لا تكفي بذاتها للخلاص منه. وقد يكون هناك تناظر أهم بين رهاب الامتحانات والتدخين، فكلاهما يرتبط بنوع من السلس الانفعالي يسميه الفلاسفة “akrasia” (“ضعف الإرادة”)، حيث يدرك المرء في الحالين ما في صالحه القيام به لكنه يمسك عن القيام به. بتعبير قانوني قد يليق بمقامنا هذا، من يعاني من رهاب الامتحانات، تماما كمن يعتاد التدخين، مجني عليه وجان، فهو في آن واحد ضحية وجلاد.
ومهما يكن من أمر توصيف هذا الوضع النفسي الباعث على القلق، سوف أفهم الغاية التي يروم الطالب تحقيقها حين يشارك في أي امتحان على أنها تتمثل في رسم صورة إيجابية تثير إعجاب أستاذه حول تمكنه من المادة قيد الامتحان. وإذا صح هذا الفهم، فإن السبيل الأنجع للتخلص من رهاب الامتحانات هو السعي إلى إتقان رسم هذه الصورة. ولأن رسم الصور عمل فني بامتياز، فإن النجاح في تحقيق هذا الغاية يتطلب مهارة وخبرة وصنعة وخيالا.
التالي عشر وصايا قد تفيد في هذا المسعى، يتعلق جلها بمضامين الإجابة عن أسئلة الامتحانات ولا يتعلق بطور الاستعداد لها. فإذا كنت تعاني من رهاب الامتحانات لأنك لم تستعد لها كما يجب، فإن هذه الوصايا لن تفيدك شيئا، فهي موجهة أساسا لمن بذل ما في وسعه لكنه ظل يعاني من بلوى الرهاب. ولعله من شأن التعود على الأخذ بالنصائح المقترحة أن يرجح فرص النجاح في الامتحانات، ويعيد الثقة إلى من يعاني من رهابها، حتى لا يعود يرهبها.
• ذاكر ضمن جماعة صغيرة من الأصدقاء. الجو الودي الذي يشيع بين الأصدقاء يقلل من الضغوطات النفسية، والتعاون المتبادل بينهم سوف يكون في صالح الجميع. حتى التفاوت في القدرات الدراسية بينهم مفيد، للأكثر تمكنا من المادة قبل الأقل تمكنا منها، لأنه سوف يجد نفسه يتمثل دور الأستاذ الذي يشرح لطلابه، ومن يشرح لغيره أدعى أن يطور مهارات تواصلية سوف يجني في نهاية المطاف ثمارها..
• ابدأ بقراءة أسئلة الامتحان كاملة، وتأكد من فهمك الجيد لكل سؤال، وأحسن اختيار الأسئلة إذا كان الامتحان اختياريا، واشرع في الإجابة عن السؤال الذي تجده أيسر عليك من غيره، بحيث تعزز ثقتك بنفسك.
• حدد مطالب كل سؤال، وافرد فقرة خاصة لاستيفاء كل مطلب، وعنونها بما يشير إلى متنها.
• قسّم الوقت المتاح للإجابة على عدد الأسئلة آخذا في الاعتبار أوزانها النسبية، وخصص وقتا كافيا للمراجعة.
• تجنب استخدام الكلمات العامية، والأخطاء الإملائية، مهما قل شأنها، والأخطاء النحوية، خصوصا الفاضح منها. ليست هناك طريقة لرسم صورة سيئة عن قدراتك العلمية أوثق من الكلمات العامية والأخطاء الإملائية والنحوية.
• أعط لعلامات الترقيم، الفواصل والنقاط تحديدا، العناية التي تليق بأهميتها. ففضلا عن دورها في إيصال المعنى، فإنها تعطي انطباعا جيدا حول حرص صاحبها على الدقة في الصياغة، وهذا أمر مهم بوجه خاص لكل متخصص في القانون.
• إذا كان وقت الامتحان كافيا، لا تكتب إلا بعد التأكد مما كتبت، بحيث تتجنب شطب ما كتبت. الإجابة التي تحشد بالشطب لا تحدث انطباعا جيدا لدى قارئها، وللاعتبارات الجمالية، التي تشمل الأسلوب أيضا، أهميتها في رسم الصور، أيا كانت طبيعة هذه الصور.
• تخيل أثناء إجابتك أنك تكتب مقالة سوف تنشر في مجلة متخصصة. سوف تحتاج إلى تقديم عام، يتحدث عن أهمية المشكل قيد السؤال، وأسلوبك في مقاربته، كما تحتاج إلى كلمة ختامية تبلور فيها أهم ما ترغب في التأكيد عليه.
• لا تمعن في التفاصيل، ولا تسرف في التعميم. لا تقل كل ما تعرف واعرف كل ما تقول.
• وأهم من كل من كل ذلك، كن مختلفا قدر الإمكان، بحيث تلفت انتباه المصحح، وتتعاطف مع حالة الضجر التي تنتابه وهو يصحح مئات الأوراق. وهذا لا يتأتى إلا بإعمال ملكاتك التحليلية والنقدية وحتى الأدبية على ما تطرح من أفكار. حاول أن تضيف ما يقنع المصحح بأنه أمام إجابة جديرة بالقراءة المتأنية. إذا ضربت أمثلة، فانتق غير تلك التي استُخدمت في المقرر. إذا عرضت رأيا، فحاول أن تستفسر عن مسوغاته، أو تعلق عليه، أو تعمل على توضيحه، أو تعترض عليه، أو تقارنه برأي آخر. وفي جميع الأحوال، حاول أن توظف رصيدك الثقافي في إثراء إجابتك. دع ما قرأت من قصائد وروايات يتحسس سبيله إليها، ولن تعدم وسيلة في ذلك. لكن هذا يفترض أن لديك أصلا رصيدا ثقافيا قادرا على أن يسعفك في مثل هذه الظروف. إذا كان مبلغ ما تطلع عليه هو ما يلقى عليك في قاعات الدرس، فإنك لا تعاني فحسب من رهاب الامتحانات، بل ترتكب خطايا لا تجدي معها وصايا.