يوم صعب في العراق.. ومسلسل العنف لا يتوقف
قُتل محتج بالرصاص في العاصمة العراقية وأصيب العشرات في أنحاء جنوب البلاد، الثلاثاء، خلال احتجاجات تخللها إغلاق الطرق السريعة بالإطارات المشتعلة فيما غطت سحبا من الدخان الأسود المدن العراقية المضطربة.
وشكّلت أحداث اليوم والاشتباكات مع قوات الأمن، أحدث حلقة من العنف في الاحتجاجات الشعبية التي استمرت قرابة شهرين والتي تطالب بإصلاح شامل للطبقة السياسية في العراق.
وقُتل ما لا يقل عن 350 شخصًا وجُرح حوالي 15000 منذ اندلاع الاحتجاجات في الأول من أكتوبر في بغداد، والجنوب ذي الأغلبية الشيعية.
وخوفاً من عبور المتظاهرين لاقتحام المباني الحكومية على الضفة الغربية لنهر دجلة، أغلقت قوات الأمن قرية الأحرار واستخدمت كميات كبيرة من الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والنيران الحية لإبقاء الجماهير في الخلف.
ويقوم المتظاهرون – ومعظمهم من المراهقين – برمي الحجارة من وراء حواجزهم المؤقتة في مناوشات يومية حولت قلب بغداد التاريخي إلى نقطة مضيئة.
وظل العديد من الشباب موجودين هناك لعدة أيام أو أسابيع دون العودة إلى المنزل، وقال أحدهم لوكالة فرانس برس: “لن نغادر إلا في نعوش”، وقال آخر: “في كلتا الحالتين، ليس لدي عمل، ولا مال، لذا سواء بقيت هنا أو أذهب للمنزل، كل هذا هو نفسه”.
وفي الجنوب، كان المتظاهرون هم المسؤولين عن تصاعد الدخان فقد أحرقوا إطارات على طول الطرق السريعة خارج مدينة الديوانية، محاصرين الجسور الرئيسية وواحدة من ثلاث محطات كهرباء في المحافظة.
وفي المدينة نفسها، خرجت حشود كبيرة من الناس في الشوارع، ومزقوا ملصقات السياسيين، وهتفوا “لقد مر شهرين، لقد سئمنا من وعودكم”.
وتم إغلاق المدارس والمباني العامة في الديوانية خلال الشهر الماضي بسبب الإضرابات وإغلاق الطرق، لكن المناوشات مع شرطة مكافحة الشغب كانت نادرة.
وفي الحلة القريبة، قال مسعفون إن الاعتصامات التي عادة ما تكون مسالمة انعطفت للعنف بين عشية وضحاها عندما أطلقت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين، مما أسفر عن إصابة حوالي 60 منهم.
كما ألقى المتظاهرون وقوات الأمن في مدينة كربلاء الشيعية المقدسة قنابل مولوتوف على بعضهم البعض. وقال مراسلون لوكالة فرانس برس إن المناوشات الليلية أصبحت روتينية في المدينة، لكنهم استمروا حتى ظهر يوم الثلاثاء وكان من الممكن سماع صوت نيران حية في فترة ما بعد الظهر.
وفي ذي قار، تم إغلاق الشرايين التي تربط بين المدن الرئيسية وحقول النفط الثلاثة وهي الغراف والناصرية وسوبا. وأسفرت المصادمات مع الشرطة التي تحرس الحقول عن إصابة 13 ضابطاً.
ويناقش مجلس الوزراء العراقي حاليًا ميزانية 2020 قبل تقديمها إلى البرلمان وتقول مصادر حكومية إنه من المتوقع أن تكون واحدة من أكبر ميزانية البلاد حتى الآن.
ويعزى ذلك في الغالب إلى القطاع العام الهائل، الذي تضخّم في السنوات الأخيرة حيث عينت الحكومة عشرات الآلاف من الخريجين الجدد في بلد يعاني من غياب القطاع الخاص.
لكن الخبراء يقولون إن هذا النموذج لا يمكن تحمله بالنسبة لبلد يبلغ عدد سكانه حوالي 40 مليون نسمة، ومن المقرر أن ينمو بمقدار 10 ملايين آخرين في العقد المقبل.
ويعيش شخص واحد في العراق من بين كل خمسة أشخاص تحت خط الفقر وتحوم بطالة الشباب بنسبة مرتفعة تبلغ 25%، وفقًا للبنك الدولي.