وول ستريت: طريق داعش إلى أوروبا يبدأ من ليبيا
ترجمة خاصة
نشرت مجلة وول ستريت جورنال مقالا حول تواجد داعش في ليبيا وخطره على أوروبا جاء فيه:
قال مسؤولون أمنيون ليبيون وأوربيون إن تنظيم داعش يضم عددا من الخلايا السرية في ليبيا بعد عام من فقدان معقله الرئيسي في الدولة التي تسودها الفوضى في شمال أفريقيا، وهي جزء من جهود الجماعة المسلحة لإعادة التجمع على عتبة أوروبا. مضيفين أن الخلايا الصغيرة التي تضم أكثر من عشرة مقاتلين أقامت قواعد جديدة لها خارج المدن الليبية خلال الأشهر الماضية وبدأت في كسب المال عن طريق اختطاف الشاحنات التجارية وابتزاز حلقات تهريب المهاجرين.
وقال أحد المنشقين من التنظيم ومسئولون أمنيون أوربيون إن داعش ابلغ المقاتلين بالذهاب إلى ليبيا من سوريا حيث يقوم التحالف بقيادة الولايات المتحدة بدفع الجماعة الإرهابية من عاصمته في الرقة.
وقال أبو براء الأنصاري، وهو سوري يقول إنه انشق عن داعش في يونيو: “التنظيم يعتبر أن ليبيا هي المدخل الرئيسي لأوروبا” وقال الأنصاري إنه عمل في الرقة لداعش في المكتب الذي قام بتتبع الملتحقين بأراضي التنظيم وهذا المنشق الآن في تركيا .
وقد أثارت جهود التنظيم الإرهابي الرامية إلى العودة إلى ليبيا بعد فقدان السيطرة على مدينة سرت الساحلية العام الماضي قلقا بين المسؤولين الأوروبيين. حيث شارك المهاجمون الذين سافروا من سوريا إلى أوروبا في عدد من الهجمات الإرهابية القاتلة في السنوات الأخيرة بما في ذلك باريس وبروكسل.
وقال مسؤول أمني أوروبي إن “دولة إسلامية متجددة” باتت تمثّل مشكلة في ليبيا “. مضيفا أن المجموعة الإرهابية يمكنها زيادة العائدات فى ليبيا من خلال استغلال المضاربات المربحة والاستفادة من مخزونات الأسلحة في دولة واسعة وغير مستقرة سياسيا.
ولم يرد أعضاء المجلس الرئاسي الليبي، الذي يرأس حكومة الوفاق في طرابلس، على طلبات التعليق على أنشطة تنظيم داعش في البلاد.
وقال التنظيم قبل عامين إنه يعتزم التسلل إلى مجموعات المهاجرين وتنفيذ هجمات في أوروبا. كما عبر عشرات الآلاف من المهاجرين البحر الأبيض المتوسط من ليبيا ووصلوا إلى إيطاليا هذا العام.
وقد فجّر سلمان العبيدي، وهو مواطن بريطاني من أصل ليبي، نفسه خارج حفلة موسيقية في مانشستر في مايو الماضي، ما أسفر عن مقتل 22 شخصا. والمعروف أن العبيدي عاد قبل التفجير مباشرة من رحلة إلى ليبيا، ويقول مسؤولو الأمن الأوروبيون إن نوع القنبلة التي استخدمها يشير إلى أنه قد يكون قد تم تدريبه من قبل مقاتلي داعش في ليبيا.
ومنذ وفاة العقيد معمر القذافي في عام 2011، قامت الفصائل المتحاربة بتقسيم ليبيا إلى اقطاعات وحاربت للسيطرة على حقول النفط، مما ترك الاقتصاد في حالة سيئة.
وقال ضابط مخابرات من مدينة مصراتة يعمل مع القوات الموالية لطرابلس، إن “داعش يستغل الفراغ الأمني”.
وقادت جماعات مسلحة من مصراتة – التي تدعم حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة – الحملة الناجحة لطرد داعش من سرت.
وتشير تقديرات قيادة الأمريكية في أفريقيا “أفريكوم”، التي تشرف على العمليات العسكرية الأمريكية في القارة، أن هناك 500 عضو فقط من أعضاء تنظيم داعش ينشطون في ليبيا الآن. وانخفض هذا الرقم من حوالي 3000 مقاتل عندما سيطرت المجموعة على سرت في عام 2016.
لكن مسؤولين آخرين قالوا إنه من الصعب معرفة عدد مقاتلي الدولة الإسلامية الموجودين حاليا في ليبيا. ويقولون إن قدرة المجموعة على العمل دون عوائق نسبيا في جميع أنحاء البلاد تثير المخاوف.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة شهدت “انخفاضا ملحوظا” في عدد المقاتلين الأجانب الذين يسافرون إلى ليبيا منذ دحر التنظيم في سرت.
ويقول مسؤولو الأمن الأوروبيون والمنشقون عن داعش إن مقاتلي الجماعة – بمن فيهم السوريون والعراقيون، فضلا عن الليبيين – يحاولون دخول ليبيا على أمل الوصول إلى أوروبا لشن هجمات.
وقال مسؤولون أمنيون أوربيون إن أعضاء داعش قد نقلوا من تركيا إلى السودان قبل أن يتوجهوا إلى ليبيا. وفي الوقت نفسه، تقوم القوات الليبية في الجنوب بمراقبة مجموعة من مجندى داعش الذين كانوا في طريقهم إلى السودان من سوريا ويحاولون العبور إلى ليبيا، وفقا لمسؤول أمني من المنطقة مع القوات الموالية لطرابلس.
ويقول ربيع عبد العاطى الذي يرأس المكتب السياسى في حزب المؤتمر الوطنى الحاكم في السودان إن بلده يدرك أن بعض المقاتلين استغلوا حدوده الغربية التى يسهل اختراقها للتسلل إلى ليبيا. ويضيف إن الحكومة نشرت قوات لوقف التسلل والقضاء على الجريمة العابرة للحدود.
وكان الليبيون من بين أولئك الذين دربوا في مختبر أسلحة داعش في الرقة، وفقا لمنشق آخر من التنظيم. وقال المنشق، الذي قال إنه شارك في تصميمه، وإنه غادر المجموعة في عام 2016. إن بعض الأجهزة كانت مخصصة للاستخدام في ساحة المعركة وللقيام بهجمات في أوروبا. وإن المكونات رخيصة ويسهل الحصول عليها، وأضاف إن مقاطع الفيديو تظهر كيفية تجميعها.
في ليبيا، تعملُ حكومة منافسة في شرق البلاد، حيث تم دحر جماعة متحالفة مع داعش في وقت سابق من هذا العام من مدينة بنغازي. وفي أواخر مايو، وفي وقت قريب من إلحاق الهزيمة به أرسل التنظيم اثنين من أعضاء المجموعة المتحالفة من بنغازي للذهاب إلى اسطنبول، وفقا لثالث شخص قال إنه انشق عن داعش وقال إنه ما زال على اتصال المجموعة في الرقة.
وقال المتحدث أنهم توجهوا إلى طريقهم من اسطنبول إلى أثينا وانتظار الأوامر حول شن هجوم فى أوروبا. لكن مسؤولا أمنيا أوروبيا قال الشهر الماضي انه تجري مراقبة تحركات الرجلين.
لقد فرّ مقاتلو داعش الذين دُحروا في سرت إلى أجزاء أخرى من ليبيا مثل بني وليد، غرب سرت. وقال ضابط المخابرات من مصراتة إن المقاتلين ظلوا مخبئين في الوديان المحيطة منذ أشهر لكنهم بدأوا الآن في “إقامة نقاط تفتيش في بعض الأحيان وخطف الشاحنات وأي بضائع لهم”.
كما هرب مقاتلون آخرون إلى بلدة غات جنوب غرب البلاد بالقرب من الحدود الجزائرية. وقد توسعت المجموعة منذ ذلك الحين في وجودها في هذا الجزء من البلاد إلى واحة أوباري الصحراوية، حيث يقوم المقاتلون بعقد اجتماعات منتظمة في المدينة والتحرك بحرية في محيط أكبر حقل نفطي في ليبيا، وفقا لمسؤول الأمن في جنوب ليبيا.
وفي مايو الماضي استولى داعش على ثلاث شاحنات وقود في طريقها إلى الجفرة، وفقا لتقرير أصدره مجلس الأمن في 22 أغسطس. كما نسج داعش علاقات تجارية في المنطقة مع أمير حرب إسلامي محلي متخصص في تهريب الوقود، وفقا لمسؤول أمني أوروبي.
ولدى داعش أيضا وجود في مدن وبلدات ليبية أخرى، كما تتجول الجماعات التي يتراوح عدد أفرادها بين 5 و 50 مقاتلا بحرية خارج المناطق الحضرية، وفقا لما ذكره ضابط الاستخبارات في مصراتة. وكثيرا ما تسافر هذه المجموعات في عدد قليل من السيارات في محاولة لتجنب أن تصبح هدفا.