وفاة رئيس جمهورية كرة القدم
خيري القاضي
في نهاية سنة 1999 قبيل انتهاء الألفية الثانية تم اختيار نجم البوب الراحل مايكل جاكسون وأسطورة كرة القدم دييغو مارادونا أشهر شخصين في الكوكب من قبل صحيفة ذا صن.
وفي إحدى المقابلات الإذاعية سئل مايكل جاكسون بالذات من من النجوم تغار ؟ فكانت إجابته غير متوقعة وبعيدة عن عالم الفن إنه مارادونا وروى قصة تزامن وجوده في مطار روما مع وجود دييغو وانسحاب عدد كبير من التجمهر حوله بسبب وجود دييغو !!!
لماذا مارادونا دون سواه ؟
بعيدا عن موهبته الفذة التي لن يسعنا الوقت للحديث عنها بشكل موسع اتسمت شخصية مارادونا بالجدل والتمرد. الأسطورة الأرجنتينة لم يستغل نجوميته للتودد للساسة أو للتقرب من تقلد المناصب أمثال لاعبين ونجوم كثر كبلاتيني وبيليه. اختار الأسطورة أن يكون شعبيا ومتاحا للجميع وأن يعيش حياته مع الجموع.
مارادونا الثائر العاشق للزعيم الكوبي كاسترو والمناضل شيغيفارا مارادونا المحب لخط معين في السياسة أبدى تعاطفه مرارا وتكرارا مع الأيديلوجية اليسارية لا يمكن نسيان قصة صداقته مع الزعيم الراحل الكوبي كاسترو يوم تلقيه للعلاج من تعاطي المخدارت في العاصمة هافانا سنة 2000.
قد لا يعلم البعض أن الزعيم الكوبي كان دائما حاضرا مع دييغو الذي وضع صورته على ساقه اليسرى وقال عنه يوم رحيله كان بمثابة الأب بالنسبة لي..الكل في الأرجنتين يتذكر قصة إطلاق سراح السجناء بعد فوزه بالمودنديال جاء ذاك القرار بعدما مكنه الرئيس الأرجنتيني كارلوس من مسك زمام الأمور في الأرجنتين بشكل رمزي لمدة يوم.
دييغو يحمل أيضا على ذراعه صورة الثائر الأرجنتيني ارنستوا تشيغيفارا الذي يرى فيه دائما صورة البطل المطلق فأصبحت صورته مع الوشم والسيجار الكوبي من الصور الرائجة .
أيضا ارتبط دييغو بصداقة مع الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز
وقال مارادونا يوم موته جملته الشهيرة: لقد غيّر هوغو الطريقة التي تفكر بها أميركا اللاتينية، خضعنا للولايات المتحدة لكنه أظهر لنا أنه يمكننا السير بمفردنا.
هذه الروح والشخصية جعلت منه بطلا شعبيا ونجم النجوم لدى الشعوب اللاتينية إضافة إلى شخصيته المرحة والصاخبة !!!
ما الذي ميز الفتى الذهبي عن غيره كلاعب!
بداية الحديث عن هذه النقطة دعونا نسترجع ذكريات ذاك اللقاء باللونين الأسود والأبيض مع دييغو ابن ال15 ربيعا وإجابته عن سؤال ما هو حلمك : حلمي أن أفوز بكأس العالم وأن أكون الأفضل.
التحدي والإعجاز كانا رفيقي أسطورة الأرجنتين منذ الصغر فبعد حرمانه من لعب مونديال78 من قبل مدرب الارجنتين مينوتي لصغر سنه وبعد تقديم الارجنتين مونديال متواضع نسخة 82 يعود دييغو ليثأر لكل ذلك ويضع على عاتقه الفوز بالمونديال لوحده. نعم لوحده فلقد ساهم بنسبة 80% من أهداف منتخب بلاده مع لاعبين أقل من العاديين وبحسب الخبراء فإن مجهوده في مونديال المكسيك يضاهي مجهود ثلاثة لاعبين وسمي هذا المونديال بمونديال مارادونا.
كاد دييغو أن يعيد الكرة في مونديال 90 مع منتخب متهالك إلا أن قسوة التحكيم كان لها رأي آخر في المباراة النهائية أمام ألمانيا الغربية، وفي هذا السرد السريع لابد من الوقوف عند حادثة تعطي في طياتها العديد من الدلات عن أي أسطورة نتحدث وهي تشجيع جزء كبير من الجمهور الإيطالي للارجنتين على حساب بلدهم في ملعب السان باولو معقل فريق نابولي .
ما فعله دييغو مع فريق الجنوب نابولي الذي استجلب دييغو بقرض من المصرف الزراعي للمدينة تم سداده من 5 سنوت مضت بمبلغ 12 مليون دولار (رقم قياسي ذاك الوقت) لايمكن تصديقه وجعله مادة فخمة لمنتجي الأفلام الوثائقية والسينمائية.
تكفل دييغو بجعل الفريق السماوي من كبار القوم طيلة 6 سنوات كاملة نسج فيها قصص كأنها من وحي الخيال، ونثر فيها سحره أينما حل وارتحل، إعجاز جعل سكان مدينة الجنوب يتحدثون مع موتاهم ويكتبون على مقابرهم لو تعلمون ما فتكم. مايميز مارادونا عن الكل الشخصية القوية القيادية المتمردة ..حتى بعد اعتزاله لاتزال فيديوهات وصور دييغو تتسيد محركات البحث يكفي أن حضوره في المدرجات ليخطف الأضواء من الكل ببساطه لانه ليس كالكل.