وفاة “أهم” رجل في العالم.. دون أن ينتبه أحد
218TV.net خاص
في السادس والعشرين من شهر ديسمبر عام 1983 كان العالم على موعد “حرب مروعة ومدمرة” عالمياً لولا أن ضابطا برتبة مقدم يعمل في مركز الإنذار المُبكر التابع للاتحاد السوفييتي، و يُدعى ستانيسلاف بيتروف قد اتخذ “قراراً شخصيا” بمنع إبلاغ القادة السوفييت الكبار بأن مدن سوفييتية تنتظر “صواريخ نووية” أميركية قد أطْلِقت فعلا من منصات ثابتة في الأطراف الأميركية، وأن سقوط هذه الصواريخ هو أمر واقع لا محالة خلال 23 دقيقة تستغرقها الصواريخ في رحلتها من أميركا إلى أهدافها في المدن السوفييتية.
الضابط السوفييتي الذي اعتبر لاحقا “أهم رجل في العالم” لأنه منع وقوع مواجهة نووية شاملة بين قطبي العالم، كان بين خيارين أحلاهما مُرّ عندما أعطت أجهزة مركز الإنذار المبكر إشارة بإطلاق صواريخ أميركية، فالإجراء الوحيد المُتاح لدى القادة السوفييت حينذاك إذا ما جرى إبلاغهم بالهجوم الأميركي، هو التحضير ل”رد نووي” خلال دقائق بدون مناقشة أي خيار آخر، لكن بيتروف “شذّ عن القاعدة”، وأبلغ قادته عن شكوك بوجود خلل في أنظمة الإنذار المبكر، مُتجنباً أن نظام الرصد أعطى إنذارات بإطلاق صواريخ أميركية.
يروي الضابط بيتروف لاحقا إنه جرى تكريمه من بلاده على “حسن التصرف”، فالتحريات السوفييتية كشفت أنه بسبب غيوم شديدة، إضافة إلى انعكاس “مُتسلل ونادر” للشمس من بين الغيوم، فقد فهمت أجهزة الإنذار المبكر أن الأمر إطلاق صاروخي باتجاه الاتحاد السوفييتي.
بيتروف الذي ودع الدنيا الفانية، شرح بأنه على مدى 23 دقيقة تستغرقها علمياً رحلة الصواريخ إذا كانت قد انطلقت فعلا، شعر بأنه يهتز “داخل وعاء للقلي”، لكنه بمرور الدقائق اكتشف أنه اتخذ قراراً سيُخلّده التاريخ طويلاً، فيما ظل هذا الضابط الذي تقاعد لاحقا من الخدمة العسكرية في الاتحاد السوفييتي الذي تفكك بعد ثماني سنوات من هذه الحادثة، يعيش في ظل من دون إدراك لأهميته.
المفارقة الحزينة أن بيتروف لم يتوفى في السابع من الشهر الحالي كما أعلن، بل في شهر مايو الماضي، وأن الوفاة لم تكن لتُعْرف لولا أن المخرج الألماني كاري شوماخر أراد التواصل مع بيتروف لمعرفة بعض أسرار ذلك اليوم الرهيب، لكن نجل بيتروف أبلغه بأن والده توفي منذ أربعة أشهر، فما كان من شوماخر سوى نعيه ب”تويتة” على موقع تويتر، مُسْدِلا الستارة على “أهم رجل في العالم”.