الحويج: “منحْنا الإذن لعشرات الشركات الأجنبية للعمل داخل البلاد”
كشف وزير الاقتصاد والتجارة محمد الحويج خلال مقابلة حصرية مع قناة “218”، عددًا من الملفات والقضايا المهمة، منها الاحتياطي المالي للدولة الليبية، وأسباب اعتماد الاقتصاد الوطني بشكل كلي على إنتاج النفط.
وأكد الحويج خلال حديثه لـ”218″ أنَّ اقتصاد البلاد يعتمد على ثلاثة عناصر أساسية، وهي الموقع الجغرافي، وعدد السكان الذين يمتلكون مستويات تعليمية وإبداعية عالية، إلى جانب الاحتياطي المالي، مشيرًا إلى إمكانية الاستفادة من موقع ليبيا المميز في المشروع العالمي للصين، على حدّ تعبيره.
وشدَّد وزير الاقتصاد والتجارة، في خضم حديثه عن خطط جذب الشركات الأجنبية للعمل في ليبيا، على ضرورة توفير عاملين مُهمّين مع مراعاة فرض الأمن والاستقرار، حتى يتسنى للشركات الأجنبية الوثوق في البلاد وإقامة مشاريع استثمارية ناجحة لتحقيق مستوى النمو المنشود.
وأفاد الحويج، بأن وزارته منحت الإذن لـ”61″ شركة أجنبية جديدة للعمل في ليبيا، منها 13 شركة مقاولات، و11 شركة تعمل في مجال الكهرباء، وشركة واحد تعمل في مجال الاتصالات، و26 شركة تعمل في مجال الصناعة و4 شركات معنية بالبيئة، بالإضافة إلى 3 شركات تقنية، وشركة تفتيش واحدة.
وبيَّن وزير الاقتصاد، الدول المعنية بالمشاركة في إعادة إعمار ليبيا والمساهمة في النهوض باقتصادها الوطني، على رأسها جمهورية مصر التي ستسهم في إعادة الإعمار، وتهيئة البنية التحتية، إلى جانب تركيا حيث ستساهم بدورها في نقل التقنية لبناء الخدمات، وتتولى أمريكا وألمانيا معظم مشاريع الطاقة في البلاد، سواء كانت الطاقة النفطية أو الطاقة النظيفة.
وتابع الحويج حديثه قائلاً: “إن ليبيا تُنتج من النفط حاليًا حوالي 1.3 مليون برميل يوميًا، وبإمكانها رفع الإنتاج إلى ثلاثة ملايين برميل من الخام، حال استقرار الوضع الأمني وإبعاد القطاع النفطي عن التجاذبات السياسة”.
وتحتل ليبيا، وفق تصريحات وزير الاقتصاد، المركز الرابع عالميًا من حيث احتياطي النفط الحجري، مؤكدًا أنها تزخر بالموارد الطبيعية المتنوعة كالبحر وما يحتويه من ثروة سمكية هائلة، إضافة للمعادن والرمال، وتميزها بمناخ يساعد على تنوع الإنتاج الزراعي، إذ يُعد الجنوب الليبي موطن القمح الصبّ، إلى جانب امتلاك ليبيا لواحدة من أهم الحضارات التاريخية الرومانية والإغريقية التي تجذب ملايين السياح، لكن الحويج تخوَّف من الأوضاع الراهنة قائلاً: “عملية الإصلاح الاقتصادي في هذه المرحلة تُعد أمر صعبًا للغاية”.
ووفقاً للحويج، فإن الناتج المحلي الإجمالي يبلغ 40 مليار دولار يُسيطر عليه النفط، ومن الممكن أن ترفع ليبيا إجمالي الناتج المحلي إلى 200 مليار دولار، إذ تم تحرير اقتصادها من المركزية لإحداث تطور ملحوظ فيه، حسب قوله.
واقترح محمد الحويج، على غرار التنوع الاقتصادي الذي تملكه ليبيا، استحداث نظام 7 مناطق اقتصادية، حتى يتسنى للحكومة التواصل مع الدول المتقدمة لرفع مستوى التعليم وتطوير القطاع الصحي والمستشفيات، وتعزيز الاستثمار في مختلف القطاعات.
وتابع الحويج: “يجب علينا وضع الأولويات، كزيادة الاستثمار في النفط وتوفير الغذاء والدواء والكهرباء، ونقل التنافس مع الشركاء الدوليين من سلبي إلى إيجابي”.
وحدد الحويج نقطة ضعف الاقتصاد الليبي، مبيناً أنها تكمن في عدم ثبات سعر الصرف، وعلى المصرف المركزي الدفاع عن قيمة الدينار أمام العملات الأجنبية، بما فيها الدولار الأمريكي، وذلك وفقًا لمعايير يتم تحديدها بناءً على قواعد دولية يضعها صندوق البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، مما يضمن السيطرة على التضخم ويُحسّن المستوى المعيشي، وفق تعبيره.
وحذّر الحويج ضمن حديثه مع “218”، من نوايا وأطماع دولية تحاول تشتيت المشهد الاقتصادي والمالي في البلاد، وتسعى لتقويض خطط الوزارة للنهوض بالاقتصاد الوطني، مؤكدًا على أهمية دور القطاع الخاص في بناء الاقتصاد الوطني.
وأفاد مسؤول الاقتصاد في الحكومة، بأن وزارته قامت بوضع خطة من شأنها دعم السلع بطريقة وشكل جديدين تضمنان عدم استغلال الدعم في مجالات غير سليمة، حسب وصفه، مُضيفًا أن مجلس الوزراء اعتمد عدداً من السلع لدعمها، إضافة إلى أنه قام بإنشاء ديوان الحبوب للمحافظة على الأمن الغذائي ومخزون الحبوب الأخرى من بينها القمح والشعير، مؤكدًا في ذات السياق أن ليبيا في حاجة إلى 1.250 مليون طن قمح طري لإنتاج الدقيق، وسيتابع ديوان الحبوب عملية تزويد القطاع الخاص للسوق المحلي بالحبوب.
الحويج قال إن عدد مطاحن الدقيق في البلاد يبلغ ثمانية وستين مطحنًا، 21 منها في المنطقة الغربية، و34 في المنطقة الشرقية، و10 في المنطقة الوسطى، أما المنطقة الجنوبية فتحتوي على ثلاث مطاحن للدقيق، وفي حال تمكن من تطوير القطاع الزراعي، لن نكون بحاجة لاستيراد القمح، أما الشعير فقد بلغت نسبة الاستخلاص 75%، أما النخالة للأعلاف بلغت 25%، هذا وبلغ الإنتاج المحلي للسلع الغذائية 15 بالمائة، وتستورد ليبيا من الخارج 85 بالمائة.
وأوضح وزير الاقتصاد أن هناك فرقاً جليّاً بين التهريب وإعادة التصدير، التهريب وهو المقصود به السلع التي يتم دعمها من الدولة، أما إعادة التصدير فهي السلع المستوردة التي تدخل إلى ليبيا ومن ثم يعاد تصديرها.
أما بالنسبة لخارطة التبادل التجاري مع دول الجوار، بلغت قيمة التبادل التجاري مع دول الجوار سنة 2020 نحو ملياري دينار سنوياً، مُقسمةً على النحو التالي، حيث تصدّرت تونس دول الجوار بقيمة 1.1 مليار دينار، وتلتها مصر ثانية بـ 500 مليون دينار، فيما جاءت الجزائر ثالثة بقيمة تبادل تجاري 60 مليون دينار، مشيرًا إلى أنه رقم متواضع بسبب الظروف التي تمر بها ليبيا نظرًا لعدم تنظيم العلاقات التجارية الخارجية.
وذكر الحويج ضمن حديثه لـ218 نسبة مساهمة القطاع الخاص من إجمالي الناتج المحلي خلال ثماني سنوات، إذ يُشكل القطاع الخاص النسبة الأكبر من الاقتصاد الوطني خلال فترة السبعينيات، إذ ساهم القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي خلال عام 1963 ما نسبته 57 بالمائة، وبلغت نسبته في عام 1975 ما نسبته 46 بالمائة، بينما حقق في عام 1981 نسبة 50 بالمائة، أما في مطلع التسعينيات سجل ما نسبته 60 بالمائة، وفي أواخر التسعينيات وتحديدًا في عام 1999 سجل ما نسبته 71 بالمائة، أما في عام 2005 سجل 30 بالمائة، فيما سجل في عام 2011 نسبة 37 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفي عام 2018 بلغت نسبته 40 بالمائة، فيما سجل في العام الماضي 2020 ما نسبته 40 بالمائة، إذ أرجع الحويج تذبذب النسب خلال السنوات الماضية إلى جملة من الأسباب، أهمها عدم تباث الرؤية الاقتصادية وغياب الإجراءات القانونية، إضافة إلى عدم تقديم الدعم للقطاع الخاص فيما يتعلق في مجال البحث والتطوير، ناهيك عن غياب الميزة التنافسية، موضحًا أن الغرف التجارية والصناعية والزراعية الليبية لاتزال ضعيفة.
النظام المصرفي في ليبيا لم يَسلم هو الآخر من الهشاشة الأمنية، والانقسام السياسي طيلة السنوات الماضية، إذ يرى وزير الاقتصاد والتجارة محمد الحويج أنّ تدهور القطاع المصرفي يُكبّل الاقتصاد، وأنه بحاجة إلى إعادة بناء من جديد، وفقًا للمعايير الدولية.
وبالانتقال إلى ملف جائحة كورونا، قال الحويج إن الجائحة زادت من حدة تدهور الاقتصاد الوطني وساهمت في ارتفاع الأسعار على جميع الصعد، إضافة إلى انخفاض السعة الإنتاجية وتوقف النشاط الاقتصادي إثر توقف المصانع والمعامل، مؤكدًا أن المواطن هو من دفع ضريبة هذه الأوضاع.
أما فيما يتعلق بملف مراقبة الأسعار، أكد الحويج أن وزارته تعمل بالتنسيق مع مصرف ليبيا المركزي، على ضبط الأسعار بالمنافذ والتي تقوم بحساب قيمة الاعتماد وقيمة النقل وقيمة التخزين، وذلك لوضع السعر الحقيقي للسلعة، إضافة للتعاون مع جهاز الحرس البلدي، إضافة لتشكيل لجان لتتبّع الأدوية ومعرفة مصادرها وتاريخ إنتاجها.
وبحسب وزير الاقتصاد سجّلت خسائر ليبيا بسبب عدم الاستقرار منذ عام 2011 إلى عام 2020 أرقامًا فادحة، بلغت ترليون دولار، إذ سجلت خسائر النفط 155 مليار دولار، بينما بلغت التكلفة الاجتماعية والبنية التحتية وإعادة الإعمار 576 مليار دولار، وسجلت تكلفة المعدات 69 مليار دولار، بينما سجلت الخسائر البشرية والمادية 200 مليار دولار، إضافة إلى ذلك، انخفض الناتج المحلي من 90 إلى 40 مليار دولار، كما انخفضت قيمة الدينار من 1.40 إلى 4,48 مسجلةً 320 بالمائة، إلى جانب ذلك ارتفعت نسبة البطالة بنسبة 20 بالمائة.