ورشفانة بأي ذنب؟!
إبراهيم قرادة
قصص واقعية: أتذكر أن أحد أطفال الأقارب، كان يقول لامه: نحبك زي “العزيزية”. لأن مدينة العزيزية ارتبطت في ذاكرته بوقوف والده فيها في الرحلة من وإلى الجبل، حيث ترتاح الأسرة وتتسوق ويشتري لهم والدهم لهم المرطبات. كما أنني أتذكر انتظار جدي رحمه الله الجبنة المعصورة والليم الورشفاني الذي لا يحب جدي غيرهما. وأيضاً، أن حلم الكثير من الجبالية شراء قطعة أرض أو حوازة في ورشفانة لأن ما فيش أحسن من جيرتهم.
شخصياً، ربما هي من أكثر المناطق التي لي فيها أصدقاء أعزاء، لم أر منهم إلا كل النخوة والنبل.
وكيف رآني جبالي، لم تكن ورشفانة إلا ممرا جميلا وجسرا طيبا ما بين طرابلس والجبل. ننتظر نقطع مسافتها مستبشرين بقرب الوصول، مطمأنين بحسن معاملة ورشفانة ونبل أهلها ولطف تجارها وكرم مزارعيها وأمان طريقها، نهاراً وليلاً، صيفاً وشتاءً.
وكطرابلسي، كانت ورشفانة الجار الحريص وبيته المفتوح، والصديق الصدوق وقت الضيق، والزميل الرفيق الجاهز للمساعدة.
هذه ورشفانة دائماً.
وما مرت وتمر به ورشفانة منذ 2011 ليس ذنبها بل هو نتيجة مباشرة للأحداث المتوالية التي مرت وتمر بها ليبيا، مثلها مثل غيرها في ليبيا.
إلا أن قرب وإحاطة ورشفانة المباشرة بطرابلس، وتعدد مدنها وقراها، وطبيعة جغرافيتها الغنية وانتشار المزارع والاستراحات والطرق الفرعية جعلها هدف سياسي لكل مغامر وملجأ اختباء لكل مجرم من كل ليبيا.
إن أهالي ورشفانة الأبرياء هم أول وأكثر وأكبر الضحايا لما جرى ويجري، فلقد هجروا وهاجروا، حرقت بيوتهم ودمرت أملاكهم وأهلكت مزارعهم وأغلقت مؤسساتهم ونهبت مرافقهم.
إن الشكوى من أن ورشفانة أصبحت مرتعا للخطف والحرابة، سببه كما سلف هو موقع وطبيعة وكبر ورشفانة، وبالتالي أصبحت ضحية ورهينة لمافيا الإجرام في ومن كل غرب ليبيا. كما أن ورشفانة ليست الوحيدة، فكم من مدينة وقبيلة هددت حياة الليبيين وسرقت أموالهم وهربت قوتهم ووقودهم وأغلقت عليهم الماء والنفط.
وكلمة أخيرة: راحة ورشفانة من استقرار طرابلس، وسلام المنطقة الغربية والجبل من استقرار ورشفانة، أي أن البداية من طرابلس.. وتلك مسؤولية جماعية تضامنية.