واينر: مصادرة حاويات العملة في مالطا ضيّق الخناق على حفتر
218 | ترجمة
في مقال نشره على موقع “معهد الشرق الأوسط في واشنطن” يوم الخميس، اعتبر المبعوث الأميركي السابق إلى ليبيا جوناثان واينر أن قيام السلطات المالطية بمصادرة شحنة من الدينار الليبي المطبوع في روسيا مؤخرا تكونت من حاويتين تبلغ مساحتها 2000 قدم مكعبة. أعتبر هذا الإجراء يسلط الضوء على الأهمية المستمرة للجوانب الاقتصادية للحرب المستمرة في ليبيا.
ورأى واينر أن الشحنات المستمرة للعملات البديلة من روسيا إلى إلى فرع المصرف المركزي في البيضاء، مكن الحكومة المؤقتة، من استكمال ميزانياتها وتجنب الاضطرار إلى الدخول في مفاوضات سياسية جادة مع حكومة الوفاق الوطني في طرابلس.
وقال واينر إن مصادر التمويل هذه أصبحت الآن وسيلة أساسية لتمويل تحرّك الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر نحو طرابلس. مشيرا إلى أن الحكومة المؤقتة أقرت من قبل أن روسيا قدمت ما لا يقل عن 10 مليارات دينار من ربيع العام 2016 حتى نهاية العام 2018، أي نحو حوالي 4 مليارات دينار سنويا.
وأشار واينر إلى أنه من خلال الاستيلاء على هذه الأموال ، شددت دولة مالطا على أنها تنفذ قرارات الأمم المتحدة بشأن ليبيا التي تعترف بحكومة طرابلس فقط. وأضاف أنه حتى الآن، لم يتحرك رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج ولا محافظ المصرف المركزي بطرابلس الصديق الكبير لإعلان أن العملة الروسية غير قانونية. في الماضي، أعرب البعض عن مخاوفهم من أن القيام بذلك قد يخلق أزمة سيولة في الشرق مما سيزيد من حدة التوترات في البلاد.
ويرى السفير واينر في المقال أن ليبيا تواجه منذ إنشاء حكومة الوفاق الوطني نهاية العام 2015 انقساما مستمرا بين حكومة الوفاق المُعترف بها دوليا والحكومة المؤقتة، كما أوضح أنه طوال هذه الفترة كانت كل من قوات حفتر ومجموعة لا تحصى من القوات في غرب البلاد يحصلون على رواتبهم من قبل المصرف المركزي الليبي من دخل عائدات النفط. كما حقق كل جانب إيرادات إضافية من مصادر أخرى شملت ابتزازات الحماية وانتهاكات خطابات الاعتماد وتهريب الوقود والبشر وغيرها.
ويرى واينر في المقال أن المصادرة المالطية تأتي في الوقت الذي يسعى فيه صانعو السلام المحتملون إلى تحديد موعد لعقد مؤتمر دولي حول ليبيا في برلين “يهدف إلى فتح مفاوضات حول الحلول الممكنة للحرب التي بدأت تتفاقم منذ الرابع من أبريل الماضي لكن المؤتمر الذي ترعاه ألمانيا توقف حتى الآن بسبب عدم رغبة أطراف النزاع أو الأطراف الخارجية التي تقف خلفهم في الاتفاق على الهدفين الأساسيين: وقف فوري لإطلاق النار، وتطبيق حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة والذي قبلته هذه الجهات الفاعلة الأجنبية وغيرها من حيث المبدأ ولكن تم تجاهله في الواقع.
وقال واينر إن الحصول على موافقة الرعاة الأجانب على وقف تأجيج الصراع بالأسلحة وغيره من أشكال الدعم العسكري شرط مسبق لليبيين للقيام بذلك. ولكن معالجة انتشار الأسلحة في ليبيا، رغم أهميته، ليس كافيا لتأمين محادثات سياسية مفيدة طالما احتفظ الجانبان بالقدرة على تمويل الحرب.
وتطرق واينر إلى الإصلاح الاقتصادي حيث قال يظل من المهم بالنسبة لحكومة الوفاق الوطني والمصرف المركزي المضي في مزيد من الإصلاحات الاقتصادية، بما في ذلك استبدال دعم الوقود بمدفوعات نقدية مباشرة للأفراد. حيث يكلف الدعم الآن أكثر مما تدفعه ليبيا للاستثمار في التعليم والبنية التحتية، بما في ذلك الدعم اللازم لإنتاج المزيد من النفط.
وأوضح أن هذا الإصلاح الأساسي، الذي من شأنه التصدي لتهريب الوقود على نطاق واسع من قبل المجرمين، كان قد تعثر مرارا وتكرارا مشيرا إلى أن هناك طريقة سهلة لتنفيذ ذلك وهي السماح للمؤسسة الوطنية للنفط باستخدام الأموال التي تم فعلا تخصيصها لها لتغطية الدعم لدفعها نقدا مباشرة إلى الليبيين الذين يحملون بطاقات هوية وطنية. حيث إن هذه الخطوة ستكون لها ثلاث فوائد على الأقل: “ستوقف الخسائر الناتجة عن التهريب، وستضمن أن يذهب الدعم مباشرة إلى الشعب الليبي، وستظهر لليبيين قيمة وجود حكومة تفي بوعدها بتقديم فوائد لهم باعتبارهم المالكين الرئيسيين لثروة البلاد النفطية”.
واختتم واينر مقاله بقوله: “إن القيام بذلك قد يساعد بدوره الحكومة في المفاوضات السياسية القادمة لتوحيد البلاد، وتقاسم ثروتها بين جميع المناطق، واستبدال الميليشيات بمؤسسات عسكرية وشرطية احترافية موحدة يسيطر عليها المدنيون وتحتاجها البلاد من أجل الاستقرار والأمن على المدى الطويل”.