هيومن رايتس ووتش تفتح ملف الهجرة في ليبيا
ترجمة خاصة 218
أكدت صحيفة الغارديان البريطانية أن دعم الاتحاد الأوروبي لخطة سياسات ليبيا ضد الهجرة غير القانونية ساهمت بانتهاكات جسيمة بحق المهاجرين.
ونقلت الصحيفة عن تقرير صادر عن منظمة “هيومن رايتس ووتش” تأكيده بأن من هذه الانتهاكات الاحتجاز القسري والتعذيب والعنف الجنسي والابتزاز والعمل بالإكراه، مبينة أن هذه التأكيدات أتت بعد قيام المنظمة بمقابلة 66 مهاجرا وطالب لجوء في ليبيا خلال العام الماضي.
وأشار التقرير إلى استمرار مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه دعم شبكة مراكز احتجاز تتسم بمواصفات وظروف مُهينة وغير إنسانية، حيث المناخ الملائم لحدوث الانتهاكات، متهما كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي بالعلم بمثل هذه الانتهاكات والظروف والمواصفات الخارقة للقانون الدولي من دون اتخاذ أية إجراءات للتعامل معها.
وسلط التقرير الضوء على الدعم المقدم من قبل الاتحاد الأوروبي لقوات خفر السواحل الليبية لاعتراض المهاجرين وطالبي اللجوء في البحر، ليتم أخذهم فيما بعد إلى ليبيا، مبيناً أن إيطاليا على وجه التحديد متهمة بالرضوخ والتخلي عمليا عن كل مسؤوليات التنسيق لتنفيذ عمليات الإنقاذ في البحر، في محاولة منها لتقليل أعداد المهاجرين الواصلين إلى سواحلها.
ومضى التقرير بالإشارة إلى قيام الاتحاد منذ العام 2016 بتركيز الجهود لمنع مغادرة القوارب من ليبيا، حيث برّر صُنّاع القرار والقادة في الاتحاد هذا التركيز لحاجة العملية والسياسية لفرض السيطرة على الحدود الخارجية لأوروبا وإنهاء تجارة التهريب فضلا عن الضرورة الإنسانية لمنع الهجرة الخطرة بالقوارب.
وتطرّق التقرير إلى ما أفادت به المنظمة الدولية للهجرة بشأن تضاعف عدد الواصلين عبر البحر خلال الأيام الـ16 الأولى من العام 2019 قياسا بذات الفترة من العام الماضي رغم السياسة الليبية المدعومة من الاتحاد الأوروبي، حيث وصل 4 آلاف و216 مهاجرا، مشيرا إلى وجود مخاوف بشأن وفاة 170 آخرين منذ الأسبوع الماضي في البحر الأبيض المتوسط في حادثين تعرض لهما قاربين غادرا ليبيا والمغرب بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
وأضاف التقرير أن أحد القاربين شوهد من قبل طائرة عسكرية إيطالية كانت تقوم بأعمال الدورية وهو يغرق في المياه يوم الجمعة الماضية ليتم إرسال مروحية بحرية لإنقاذ 3 مهاجرين ممن أشاروا إلى مغادرتهم ليبيا مساء الخميس في مجموعة مؤلفة من 120 مهاجرا.
وبحسب المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة “فلافيو دي جياكومو” فقد بدأ القارب بالغرق بمن فيه بعد 10 إلى 11 ساعة من التواجد في البحر، فيما أشارت المنظمة إلى حادث آخر شهد فقدان 53 مهاجرا غادروا من المغرب على متن قارب غرق ببحر البوران غرب البحر الأبيض المتوسط وفقا لأحد الناجين.
واستمر التقرير بالتوضيح قائلا إنه ومن بين الذين تمت مقابلتهم من قبل “هيومن رايتس ووتش” تم توجيه الاتهامات لخفر السواحل الليبيين الذين يُمثّلون عناصر سابقة في جماعات مسلحة لم تتلقَ التدريبات، حيث هددت هذه العناصر المهاجرين بإطلاق النار عليهم في حال رفضهم الركوب في قارب تابع للخفر.
ونقل التقرير عن “جوانا” الكاميرونية ذات الـ34 عاما وهي أم لـ3 أطفال وكانت على متن القارب الذي تم اعتراضه من قبل خفر السواحل الليبيين في المياه الدولية قولها: “ألقى رجال على متن قارب ليبي كبير حبلا لنا وفي البداية رفضنا ربطه بقاربنا إلا أن الليبيين أطلقوا الرصاص في الهواء وهددونا إذا لم نقم بربط الحبل فإنهم سيطلقون النار علينا، لذا قمنا بربطه وبدأوا بإخراج الناس إلى قاربهم.
ونبّه التقرير إلى مخاطر العوائق البيروقراطية والقانونية الأوروبية التي تم تشديدها لوقف العمليات البحرية التي تقوم بها المنظمات غير الحكومية لإنقاذ المهاجرين وسط البحر الأبيض المتوسط، مؤكدا أنها ساهمت في رفع حالات الوفيات بين من يحاولون الوصول إلى السواحل الأوربية انطلاقا من الساحل الليبي.
وأضاف التقرير نقلا عن بيانات لمنظمة الأمم المتحدة للاجئين أن زيادة أعداد المهاجرين عبر البحر الأبيض المتوسط منذ أواسط العام 2017 قابلتها زيادة كبيرة في فرص الوفاة في المياه قبالة الساحل الليبي، لتكون حالات الوفاة المتوقعة واحدة لكل 42 مهاجرا أواسط العام 2017 فيما أصبحت الآن واحدة لكل 18 مهاجرا.
وواصل التقرير توضيحاته بالإشارة إلى قيام المنظمة الدولية للهجرة بمساعدة أكثر من 30 ألفا من المهاجرين على العودة من ليبيا إلى بلدانهم ضمن البرنامج الطوعي للإعادة، مشيرا إلى أن هذا الأمر قابله زيادة في أعداد المهاجرين وطالبي اللجوء المحتجزين في مراكز احتجاز ليبية نتيجة لزيادة عمليات الاعتراض من قبل خفر السواحل الليبيين المدعومين أوروبيا، ليصبح العدد بين 8 إلى 10 آلاف محتجز قياسا بـ5200 في أبريل من العام 2018.
وتحدث التقرير عن ظروف غير صحية ونقص في الرعاية الطبية في مراكز الاحتجاز التي تمت زيارتها من قبل “هيومن رايتس ووتش”
فضلا عن الاكتظاظ الشديد والإقامة غير الصحية والأغذية والمياه الرديئة الجودة، التي أدت إلى إصابة المحتجزين بسوء التغذية فضلا
عن عمليات تعذيب من قبل الحراس تتضمن الضرب والجلد واستخدام الصدمات الكهربائية، فيما قام الباحثون بتوثيق ادعاءات متكررة
عن انتهاكات خطيرة من قبل سلطات هذه المراكز بحق المتجزين لاسيما في العاصمة طرابلس ومصراتة وزوارة.
وأفاد “جودث ساندرلاند” كبير مُعدّي التقرير للغارديان بالقول: “هنالك محاولة متعمدة لتجاهل ما يجري من خلال محاولة تخفيف الوضع عبر تحسين الظروف في مراكز الاحتجاز وقدرة واحترافية خفر السواحل الليبيين، لكن لقد حان الوقت لتقبل حقيقة أن هذه الجهود لا تؤتي ثمارها،
من المهم أن نضع في اعتبارنا أن الطموح الشامل لهذه السياسة هو الحد من وصول المهاجرين إلى شواطئ الاتحاد الأوروبي، المنطق واضح ويبدو أنهم على استعداد لقبول صفقة “شيطانية” لكن المطلوب هو إعادة تعيين استراتيجية فاشلة”.