هل فهمت طهران لعبة واشنطن الجديدة

أمير بصيري

كانت تصريحات وزير الخارجية الأميركي ريكس تيليرسون حول طهران، لافتة إلى المراقبين، حيث إنه بعد يوم واحد على إبلاغ وزارة الخارجية الكونجرس بأن إيران ملتزمة بالاتفاق النووي، جاءت كلمات تيليرسون صادمة للإيرانيين.

أوضح تيلرسون أن الاتفاق فشل في كبح قدرة إيران وإرادتها في تطوير أسلحة نووية، ملقيا الضوء على واقع أن طموحات الملالي تستمر في تشكيل تهديدات خطيرة للسلام والأمن الدوليين.
إن هذا الكلام عن النوايا الإيرانية والصادر عن إدارة ترمب هو الأول الذي يتمتع بـإمكانية أن يكون ذا وزن إيجابي، حيث إن البيت الأبيض منخرط حاليا في إعادة مراجعة مسهبة لسياسة واشنطن تجاه طهران، وهذه المراجعة تتضمن تقييما كبيرا وإصلاحا محتملا للاتفاق النووي الهادف إلى كبح برنامج إيران النووي، ومع ذلك، الفاشل في إزالة جميع المخاوف وفقا للعديد من الانتقادات.
دونالد ترمب وعد بتمزيق الاتفاق، حين كان يخوض حملته الرئاسية، واصفا إياه بأنه أسوأ اتفاق نوقش على الإطلاق، لكن حين وصل إلى الرئاسة، يأخذ ترمب وقته وهو يزِن نصائح وزرائه للوصول إلى الطريقة المثلى للتعامل مع هذه الملف، في وقت ارتكب أوباما خطأ كبيرا حين وقع الاتفاق النووي ورفضه مواجهة «تدخل الملالي المدمّر» على امتداد الشرق الأوسط، بما فيه تورطهم في سورية وانتهاكات حقوق الإنسان في الداخل الإيراني.
جاءت ملاحظات تيلرسون الأربعاء الماضي كـتذكير حاسم لإيران بمدى جدية إدارة ترمب في خوضها هذه المعركة بشراسة، إضافة إلى كونها لا تملك نية لتمرير هذه الأزمة الإيرانية إلى أي إدارة مستقبلية، حيث إن سلوكيات إيران الاستفزازية والمستمرة تمّت تغذيتها بمليارات الدولارات التي ضخها الاتفاق في خزائن الحرس الثوري، بدلا من وضع النظام تحت المزيد من الضغط للخضوع أكثر لمطالب المجتمع الدولي.
تيلرسون أوضح بما لا يقبل الشك كيف تراقب واشنطن عن كثب دعم طهران للديكتاتور السوري بشار الأسد، وهذا الأمر تزداد صحته بعد هجوم دمشق الكيماوي في إدلب، وبعد ضربة ترمب المحسوبة بدقة والتي استهدفت القاعدة العسكرية في الشعيرات التي انطلقت منها الطائرات الحاملة للأسلحة الكيماوية. هذه الرقابة تأتي أيضا في وقت أصدر المجلس الوطني للمقاومة في إيران بيانا حديثا، يتهم فيه النظام السوري بشن الهجوم الكيماوي لمساعدة حملة عسكرية أطلقها الحرس الثوري في محافظة حماة ردا على تقدم كبير حققه الجيش السوري الحر وقوى معارضة أخرى.
تيلرسون لم ينس مسألة دعم إيران المستمر للحوثيين في اليمن، وأنه يشكل تهديدا للحدود الجنوبية للحليف السعودي، حيث إن إيران تفهم كيف أن ملاحظات تيلرسون استهدفت أيضا انخراطها في العمليات الاستفزازية ضد السفن الأميركية في المياه الدولية للخليج العربي، وأن هذا السلوك لن يتم التغاضي عنه مستقبلا، وستفكر إيران مليا الآن قبل أن تجرّب ترمب في هذا الموضوع، خصوصا أنه قد يأمر سفنه بإطلاق النار حقا على السفن الإيرانية.
هذه المراجعة الكبيرة للسياسة الأميركية تجاه النظام الإيراني، تأتي قبل فترة قصيرة على الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 19 مايو المقبل، في وقت شدد المرشد الأعلى في إيران من لهجته أمام قادة عسكريين بارزين بشأن مجموعة من الأزمات تتمحور حول استطلاعات الرأي والانتخابات، وحتى الآن، تعتبر إدارة ترمب على المسار الصحيح في زيادة الضغوط اللازمة لجعل إيران تفهم أنّ أعمالها لن يتمّ التغاضي عنها بعد اليوم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ناشط إيراني في مجال حقوق الإنسان
موقع «واشنطن أكزامينر» الأميركي